المغرب يتربع على المركز الثاني في إنتاج النبيذ بإفريقيا بعد جنوب إفريقيا
كشف تقرير حديث نشرته الصحيفة الإسبانية “لا راثون” عن تطور ملحوظ في صناعة النبيذ بالمغرب، التي أصبحت تحتل المرتبة الثانية في إنتاج النبيذ على مستوى القارة الأفريقية بعد جنوب إفريقيا، رغم الفارق الكبير في حجم المساحات المزروعة بالكروم بين البلدين.
وأشار التقرير إلى أن المغرب يمتلك تراثاً غنياً في زراعة العنب وصناعة النبيذ، يعود إلى العصور القديمة، حيث تعود جذور هذه الصناعة إلى الحضارات الفينيقية والرومانية.
فقد شهدت منطقة فاس ازدهاراً في زراعة الكروم في العهد الروماني، حيث كان نبيذ “موريتانيا تنجيتانا” الروماني يصدر إلى العاصمة الإمبراطورية.
كما ذكر الجغرافي اليوناني باوسانياس زراعة العنب في مدينة “ليكس”، القريبة من العرائش، حيث كان نبيذها يُستهلك على موائد النبلاء في البحر الأبيض المتوسط.
وأضاف التقرير أن فترات الاستعمار البرتغالي والفرنسي كانت لها دور كبير في توسع زراعة الكروم في المغرب، حيث ساهمت في زيادة المساحات المزروعة.
ومع ذلك، شهدت هذه الصناعة تحوّلاً ملحوظاً بعد تفشي مرض الفيلوكسرا في القرن التاسع عشر، ما دفع المزارعين إلى الانتقال إلى التربة الرملية التي كانت محصنة ضد هذا المرض.
ومن الجدير بالذكر أن توقيع معاهدة روما في عام 1967، التي حظرت مزج النبيذ الأوروبي مع النبيذ الأجنبي، شكل نقطة تحول هامة في صناعة النبيذ المغربية.
فقد أدت هذه المعاهدة إلى تراجع الصادرات، مما دفع المنتجين إلى التركيز على تحسين جودة النبيذ المحلي وتعزيز السوق الداخلية.
اليوم، يقدر إنتاج المغرب من النبيذ بحوالي 40 مليون زجاجة سنوياً، ويتميز هذا الإنتاج بتنوع أصناف العنب، بما في ذلك الأحمر والأبيض والوردي والرمادي، والتي تحظى بسمعة عالية وتشكل منافسة للنبيذ المنتج في مناطق مشهورة مثل لانغدوك وروفينيون الفرنسية.
ورغم النمو الملحوظ في هذا القطاع، يواجه المنتجون تحديات كبيرة، أبرزها الجفاف وتغير المناخ. ولكن هناك جهود مستمرة لتطوير أصناف عنب مقاومة للجفاف، بالإضافة إلى تبني تقنيات الريّ الذكي لمواجهة هذه التحديات.