المجلس الأعلى للحسابات ينتقد ضعف قطاع استكشاف المحروقات في المغرب
أصدر المجلس الأعلى للحسابات تقريرًا ينتقد ضعف قطاع استكشاف المحروقات في المغرب، مشيرًا إلى أن كثافة الآبار المنجزة في البلاد تظل “أقل بكثير من المتوسط العالمي”.
فقد سجل المغرب أربعة آبار فقط لكل 10.000 كيلومتر مربع، بينما يبلغ المتوسط العالمي 1.000 بئر لنفس المساحة، مما يسلط الضوء على التحديات التي يواجهها القطاع.
ووفقًا للتقرير السنوي، الذي شمل 374 بئرًا تم حفرها حتى نهاية 2023، بقيت كثافة الحفر الاستكشافي دون أي تطور ملحوظ منذ إطلاق الاستراتيجية الوطنية للطاقة، حيث تم حفر 84 بئراً فقط بين 2009 و2023 رغم أن الأحواض الرسوبية المفتوحة للاستكشاف تمتد على مساحة تصل إلى 761 ألف كيلومتر مربع.
كما أظهرت البيانات أن الاستثمارات في التنقيب عن الهيدروكاربورات بلغت 23.9 مليار درهم بين 2009 و2022، بمعدل سنوي قدره 1.78 مليار درهم، وهو ما يعكس تراجعًا ملحوظًا في الاستثمارات منذ عام 2014 بسبب غياب الاكتشافات التجارية الكبرى وتوجه العالم نحو الطاقات المتجددة.
وفيما يخص الاستثمارات الذاتية للمكتب الوطني للهيدروكاربورات والمعادن، فقد شهدت انخفاضًا ملحوظًا، حيث تراجعت من 59.8 مليون درهم سنويًا بين 2000 و2008 إلى 43.6 مليون درهم سنويًا بين 2009 و2022، أي بتراجع نسبته 27%.
ورغم الأهداف الطموحة التي وضعتها الاستراتيجية الوطنية للطاقة في الفترة بين 2008 و2012، حيث كانت تستهدف استثمارات بقيمة ملياري درهم، إلا أن الإنجازات لم تتجاوز 280 مليون درهم، أي ما يعادل 14% من التوقعات.
ورغم التحديات التي يواجهها القطاع، أكد التقرير أن جهود التنقيب أسفرت عن اكتشافات غاز طبيعي محدودة ولكن واعدة، مثل اكتشافات في منطقة تندرارة في 2016 وفي المنطقة البحرية طنجة-العرائش في 2021، التي تمثل أول اكتشاف للغاز الطبيعي في عرض البحر بالمغرب.
ويُتوقع أن ترفع هذه الاكتشافات من إنتاج الغاز الطبيعي في المغرب من 100 مليون متر مكعب حاليًا إلى 900 مليون متر مكعب سنويًا، ما يمثل خطوة نحو تقليص التبعية الطاقية وتحسين أمن الطاقة في البلاد.
وأشار التقرير إلى أن تطوير قطاع الغاز الطبيعي في المغرب يمثل تحديًا رئيسيًا لاستراتيجية الطاقة الوطنية، حيث كان من المتوقع أن يساهم الغاز الطبيعي بنسبة أكبر في تأمين احتياجات المغرب من الطاقة.
وتُظهر الاستراتيجية الوطنية أن حصة الغاز الطبيعي في الطلب الوطني على الطاقة كان من المتوقع أن ترتفع من 3.7% في 2008 إلى 13.5% في 2030.
كما أشار التقرير إلى أن المغرب يواجه ضغوطًا كبيرة في إطار التزاماتها المناخية، ما يجعل التخلص من الفحم في إنتاج الكهرباء أمرًا ضروريًا.
وفي هذا السياق، يعتبر الغاز الطبيعي بديلاً ضروريًا نظرًا لما يتمتع به من مزايا اقتصادية وتنافسية. ومع ذلك، فإن تحقيق هذا التحول يواجه تحديات تتعلق بتأمين الإمدادات المستدامة من الغاز وضمان تنافسيته الاقتصادية.
وفيما يخص المبادرات التي تم إطلاقها لتطوير قطاع الغاز الطبيعي، أشار المجلس إلى أن العديد من هذه المبادرات لم تُدمج ضمن استراتيجية شاملة.
من بين هذه المبادرات، كان المخطط الوطني لتنمية الغاز الطبيعي المسال الذي أطلقته وزارة الطاقة في 2014، وتم التخلي عنه في 2020 بسبب عدم توافق الأطراف المعنية حول الجوانب المالية للمشروع.