ترامب وتمديد التخفيضات الضريبية: بين الوعود الاقتصادية والواقع المالي
أكد الرئيس المنتخب دونالد ترامب أن تمديد التخفيضات الضريبية التي تم إقرارها سابقًا سيعزز الاستثمارات ويدفع عجلة النمو الاقتصادي في الولايات المتحدة، وهو تعهد لعب دورًا كبيرًا في فوزه بالانتخابات الأخيرة.
ومع ذلك، يأتي تحليل جديد صادر عن لجنة الميزانية الفيدرالية (CRFB)، وهي جهة رقابية غير حزبية، ليشير إلى أن تمديد هذه التخفيضات قد يكون له تأثير ضئيل على النمو الاقتصادي، وهو ما يمثل مفاجأة للمؤيدين الجمهوريين الذين يعتبرون هذه السياسات أداة أساسية لتحفيز الاقتصاد الذي يشعر الكثير من الأمريكيين بعدم تلبيته لاحتياجاتهم.
العديد من التدابير التي يُتوقع تجديدها تستهدف الأفراد والأسر، مثل خفض معدلات ضريبة الدخل وتوسيع الائتمان الضريبي للأطفال، وقد لاقت هذه الإجراءات قبولاً بين الناخبين.
ومع ذلك، يحذر الاقتصاديون من أن أثرها على الاقتصاد قد يكون محدودًا. ويؤكدون أن التخفيضات الضريبية على الشركات هي العنصر الأهم في تعزيز الاستثمار وتحفيز النمو الاقتصادي.
لكن التخفيضات الضريبية التي تم تضمينها في قانون الضرائب لعام 2017 والتي وقعها ترامب ليست ضمن الإجراءات التي سيتم تجديدها.
ومع ذلك، تعهد ترامب في اجتماعه مع المانحين وقادة الأعمال في بورصة نيويورك بخفض معدل ضرائب الشركات إلى 15%، وهو الأمر الذي يراه البعض محفوفًا بالمخاطر في ظل اعتراضات داخل حزبه وبعض الناخبين على منح المزيد من الدعم للشركات الكبرى.
تحليل لجنة الميزانية الفيدرالية استند إلى تقييم مكتب الميزانية في الكونغرس (CBO)، الذي أشار إلى أن عدم تمديد التخفيضات الضريبية قد يساعد في تقليص العجز المالي الكلي بمقدار 3.7 تريليون دولار على مدار عقد.
إذ سيؤدي تقليص العجز إلى تقليل الحاجة للاقتراض، وبالتالي تحفيز الاستثمار الخاص. لكن، في المقابل، خلص المكتب إلى أن التأثيرات الناجمة عن انتهاء التخفيضات الضريبية قد تؤدي إلى تقليص القوة العاملة، مما يعوض جزئيًا الفوائد المرجوة، ليؤدي في النهاية إلى تغييرات ضئيلة في الناتج المحلي الإجمالي.
على الرغم من تحذيرات بعض الخبراء، تواصل اللجنة والمؤسسات المالية الأخرى مثل “مؤسسة الضرائب” و”نموذج ميزانية بن-وارتون” تقييم أثر تمديد التخفيضات الضريبية.
ورغم أن هذه الدراسات تشير إلى مكاسب اقتصادية صغيرة، إلا أن تكاليف التمديد، التي يتوقع مكتب الميزانية أن تصل إلى 4.6 تريليون دولار على مدار عقد، قد تعرقل أي منافع ملموسة من هذه السياسة. كما تشير التقديرات إلى ضرورة البحث عن مصادر تمويل لتغطية هذه التكاليف.
في هذا السياق، اقترح ترامب خطة لخفض الإنفاق الحكومي عبر “إدارة كفاءة الحكومة”، وهي مجموعة يقودها إيلون ماسك وفيفيك راماسوامي، تهدف إلى تقليص النفقات العامة.
كما طرح فكرة فرض تعريفات جمركية تتراوح بين 10% و20% على السلع المستوردة، بالإضافة إلى تعريفات تصل إلى 60% على المنتجات الصينية، كجزء من استراتيجيته لتمويل التمديد الضريبي.
تستمر الأوضاع المالية الأمريكية في التدهور، حيث وصل العجز إلى مستويات غير مسبوقة منذ جائحة كوفيد-19.
ففي العام المالي 2024، بلغ العجز 1.83 تريليون دولار، وهو أكبر عجز منذ 2020-2021، مما يزيد من الضغوط المالية على الحكومة.
وتشير البيانات إلى أن الولايات المتحدة قد شهدت عجزًا قدره 624 مليار دولار في أول شهرين من العام المالي الحالي، مع تزايد الاقتراض اليومي إلى نحو 10 مليارات دولار، ما يشير إلى زيادة مستمرة في العجز المالي.
رغم تأكيدات ترامب بجدوى تمديد التخفيضات الضريبية، يرى البعض أن البيئة الاقتصادية الحالية، التي تشمل التضخم المستمر وعجزًا ماليًا متزايدًا، قد تؤدي إلى نتائج غير متوقعة.
ومع زيادة التحديات الاقتصادية، شددت مارثا غيمبل، المديرة التنفيذية لـ”ذا بادجت لاب” بجامعة ييل، على أن الظروف المالية الحالية تختلف بشكل كبير عما كان عليه الوضع في 2017. وقد تؤدي السياسات التي كانت فعالة في ذلك الوقت إلى نتائج مختلفة تمامًا في السياق الاقتصادي الراهن.