المغرب..بوابة جديدة للطاقة المستدامة من خلال الهيدروجين الأخضر
يتمتع المغرب بمورد شمسي هائل يمكن استغلاله بكفاءة لتلبية احتياجات الطاقة المستقبلية، وهو ما يفتح آفاقًا واعدة في مجال الهيدروجين الأخضر.
هذا المورد، الذي يعد من أساسيات التحول نحو الطاقة النظيفة، يمكن تحويله إلى هيدروجين أخضر ثم إلى أمونياك، وهي مادة خالية من الكربون تُعتبر بديلاً محتملاً للوقود الأحفوري في المستقبل.
وفي تصريح خاص لوكالة المغرب العربي للأنباء، على هامش افتتاح أشغال النسخة الثانية من المؤتمر الدولي حول الهيدروجين الأخضر في الرباط، قال الأستاذ بجامعة بوركون فرانش-كونط بفرنسا، دانييل هيسيل، إن المغرب يمكنه تحويل طاقته الشمسية الوفيرة إلى هيدروجين، ثم تصديره إلى البلدان التي تفتقر إلى هذه الموارد الطبيعية.
وأكد أن الهيدروجين يمكن أن يلبي احتياجات صناعية وزراعية متعددة، مما يساهم في تقليص الفاتورة الطاقية للمغرب.
وأوضح هيسيل، الذي يشغل أيضًا منصب مدير الاتحاد الوطني للأبحاث حول الهيدروجين، أن الهيدروجين يُعد ناقلاً فعالاً للطاقة، حيث يمكن تخزين الطاقة المتجددة باستخدامه، مما يسمح بإنتاج الكهرباء باستخدام الألواح الشمسية، على سبيل المثال.
كما أشار إلى أن الهيدروجين الأخضر سيُستخدم في تطبيقات متعددة، خاصة في مجال النقل، مثل القطارات، مما يعزز من دوره في الثورة الخضراء.
من جهته، اعتبر هشام بوزكري، مدير البحث والتطوير والصناعة في الوكالة المغربية للطاقة المستدامة، أن الهيدروجين الأخضر يمثل “مورداً أساسياً لمستقبل الطاقة في المغرب”.
وأكد أن المملكة تسعى لأن تتحول من دولة مستوردة للطاقة إلى دولة مصدر للطاقة، وذلك من خلال إنتاج الهيدروجين الأخضر ومشتقاته. ولفت إلى أن هذا التحول يلقى دعمًا قويًا من القطاع الخاص، وذلك بتشجيع من الحكومة المغربية.
وأشار بوزكري إلى الاجتماع الذي عقدته لجنة القيادة المكلفة بـ “عرض المغرب” في مجال الهيدروجين الأخضر، حيث تم اختيار مجموعة من المشاريع التي تركز بشكل أساسي على المناطق الجنوبية للمملكة، بما في ذلك كلميم-واد نون، العيون-الساقية الحمراء، والداخلة-وادي الذهب.
هذا الاجتماع جاء في إطار تنفيذ التعليمات الملكية السامية، التي تهدف إلى تسريع تطبيق مشاريع الهيدروجين الأخضر بالجودة اللازمة، والاستجابة لمتطلبات حاملي المشاريع الوطنيين والدوليين في هذا المجال الواعد.
وأكد بوزكري أيضًا أن هذه المشاريع تأخذ بعين الاعتبار الآليات المناسبة لتفعيل استخدام الأراضي العامة المخصصة لهذه المشاريع، مشيرًا إلى أن المغرب يملك الإمكانيات اللازمة لتصبح رائدًا في إنتاج الهيدروجين الأخضر على المستوى العالمي.
و تجدر الإشارة إلى أن الدراسات التي أعدتها الوكالة الدولية للطاقة المتجددة والوكالة الدولية للطاقة قد صنفت المغرب كأحد الدول الثلاث الأولى القادرة على إنتاج الهيدروجين الأخضر بشكل تنافسي.
بالإضافة إلى ذلك، يشير بوزكري إلى أن المغرب يمتلك سوقًا محلية قوية، لا سيما في مجال استيراد الأمونيا لاستخدامها في صناعة الأسمدة، ما يعزز من مكانته كمركز مهم لإنتاج الهيدروجين.
وفي حديثها عن المؤتمر، شددت الأستاذة نادية اليوسفي من جامعة بوركون فرانش-كونط على ضرورة تعزيز الجهود المتعلقة بتوطيد المهارات اللازمة لدعم الابتكار والبحث في مجال الهيدروجين الأخضر.
وأضافت أن المؤتمر يشكل فرصة لصياغة استراتيجيات شاملة تدمج الجوانب التعليمية والاجتماعية لمواكبة التحول نحو أنظمة الطاقة المستدامة.
ويعكف المؤتمر على مناقشة مواضيع حيوية تشمل “الطاقة الشمسية وطاقة الرياح لإنتاج الهيدروجين الأخضر”، و”تحسين كفاءة التحليل الكهربائي”، و”الطاقة الحرارية الشمسية”، بالإضافة إلى “إدارة مشاريع الطاقة”، و”سلسلة قيمة الهيدروجين الأخضر”، و”اقتصاديات الهيدروجين الأخضر”.
هذه المواضيع تؤكد أن المغرب يسير بخطوات ثابتة نحو تأكيد مكانته في طليعة الدول المصدرة للطاقة المستدامة، خصوصًا الهيدروجين الأخضر.