اقتصاد المغرب

تحولات ديموغرافية واقتصادية: كيف يستجيب المغرب للتحديات الحضرية؟

أظهرت أحدث الإحصاءات السكانية في المغرب زيادة مستمرة في عدد سكان المدن على حساب المناطق الريفية، في تحول لافت يعكس وتيرة التحولات الاجتماعية والاقتصادية في المملكة.

ومع استعداد المغرب لاستضافة تظاهرات كبرى، أبرزها مونديال 2030، فإن هذا التوسع الحضري يضع المملكة أمام تحديات ضخمة، خاصة فيما يتعلق بتمويل هذا النمو الحضري وتلبية احتياجات السكان، بالإضافة إلى التأثيرات المرتقبة للتدفق السياحي الأجنبي في السنوات المقبلة.

وفي هذا الإطار، تبرز “الهيئة المغربية لسوق الرساميل” كلاعب رئيسي في تسهيل التمويلات الضرورية لمواكبة هذه التحولات، إذ تسهم بشكل مباشر في تعبئة الاستثمارات الوطنية والدولية اللازمة لتلبية متطلبات النمو الحضري.

هذه النقطة كانت محور نقاش في مائدة مستديرة نظمت على هامش “منتدى الاستثمار الإفريقي” الذي عُقد بالعاصمة الرباط من 4 إلى 6 ديسمبر الجاري.

وأكدت نزهة حيات، رئيسة الهيئة المغربية لسوق الرساميل، على الدور الحيوي للهيئة في ضمان حماية المستثمرين واستقرار السوق المالية.

وأوضحت أن مواكبة النمو الحضري في المغرب يتطلب تعديل وتطوير سوق الرساميل الوطنية لتصبح قادرة على دعم الاستثمارات الكبرى في المجالات الحضرية، بما في ذلك تطوير المدن، البنية التحتية والصناعة.

وفي هذا السياق، أشارت حيات إلى أهمية تكييف الإطار التشريعي والتنظيمي لسوق المال من أجل تيسير تعبئة الموارد المالية اللازمة.

وأضافت حيات أن الهيئة المغربية لسوق الرساميل قد بادرت بالفعل بفتح قنوات الحوار مع كافة الأطراف المعنية لوضع أولويات البلاد.

وركزت الهيئة على ضرورة تطوير الأدوات المالية المناسبة لتلبية احتياجات الاستثمارات الضخمة التي تنتظرها المملكة في المستقبل. واستشهدت بالحالة التحولية التي شهدتها مدينة الرباط كمثال على نجاح التنسيق بين القطاعين العام والخاص، مع التركيز على جذب الاستثمارات الأجنبية إلى جانب المؤسسات المحلية.

وأشارت رئيسة الهيئة إلى أن التمويل المتاح للمشاريع يأتي في الغالب من البنوك المحلية، لكن هناك تحسناً ملحوظاً في جذب استثمارات محلية وأجنبية من خلال أدوات مالية مبتكرة، وهو ما يعكس تطور السوق المالية في البلاد.

كما استعرضت دور الهيئة في تنظيم سوق السندات الخضراء خلال مؤتمر الأطراف “كوب 22″، حيث ساهمت الهيئة في وضع إطار قانوني لهذه الأدوات المالية التي تدعم المشاريع المستدامة.

وفي سياق مواز، تحدثت أبيمبولا أكيناجو، المسؤولة في وزارة النقل النيجيرية، عن التحديات التي تواجهها المدن الإفريقية الكبرى، مشيرة إلى أن التمويل لا يمثل مشكلة فقط للمدن نفسها، ولكن أيضًا لساكنتها.

وأضافت أن العديد من السكان الحضريين في أفريقيا لا يستطيعون تحمل تكاليف الحياة اليومية من دون اللجوء إلى القروض، مما يعكس حاجتهم إلى حلول مالية تضمن لهم سبل العيش اللائق.

وشددت أكيناجو على أن التمويل السليم يمكن أن يسهم بشكل كبير في خلق فرص العمل وتحقيق الشمول المالي والاقتصادي، وهو ما يعد ضرورياً لتحسين الظروف المعيشية للمواطنين.

ويعد “منتدى الاستثمار الإفريقي” الذي ينعقد في الرباط بين 4 و6 ديسمبر 2024، حدثاً بالغ الأهمية في مجال جذب الاستثمارات التي تدعم التنمية الاقتصادية في القارة.

ويشترك في تنظيمه البنك الإفريقي للتنمية، ويساهم في هذا المنتدى العديد من الشركاء الدوليين. منذ تأسيسه في 2018، استطاع المنتدى جذب استثمارات تزيد عن 180 مليار دولار، مما يعزز التحول الاقتصادي في إفريقيا من خلال توجيه هذه الاستثمارات نحو قطاعات حيوية مثل الطاقة والبنية التحتية والرعاية الصحية والزراعة.

وتحتل هذه النقاشات والمبادرات حيزاً كبيراً من الاهتمام في المغرب، في وقت يشهد فيه البلاد تغيرات سكانية كبيرة، مما يتطلب استجابة فاعلة من جميع الأطراف المعنية لضمان تمويل هذه التحولات وتحقيق التنمية المستدامة في المدن المغربية.

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى