هكذا تحول المغرب إلى منصة عالمية “محايدة” للصناعة والمبادلات التجارية
بدأ المغرب في جني ثمار خياراته الاستراتيجية على المستوى الدولي، حيث اعتمد الحياد في العديد من القضايا وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، وهو ما كانت له انعكاسات اقتصادية إيجابية وضعته في القائمة المختصرة لخمس دول بعيدة كل البعد عن السياسة والصراعات وأصبحت منصة رئيسية للعمليات التجارية بين دول العالم الأخرى
وهذا الاستنتاج لم يصدر عن مؤسسة حكومية مغربية، بل استخلصته مؤسسة “بلومبيرغ” الأمريكية المتخصصة في القضايا المالية والتجارية، مما وضع المغرب، إلى جانب بولندا والمكسيك وإندونيسيا وفيتنام، ضمن “الدول المحايدة” التي تمكنت من للاستفادة من وضع ما بعد جائحة كورونا وتحقيق التوازن، وهو أمر ضروري في عالم تتقاتل فيه الولايات المتحدة الأمريكية والصين من أجل المصالح الاقتصادية
وبحسب وكالة بلومبرغ، فإن المغرب والدول الأربع الأخرى، التي وصلت قيمة ناتجها الاقتصادي إلى 4 تريليونات دولار في عام 2022، هي بمثابة “قطع صغيرة في لعبة المكعبات”، وهي “أهم القطع” لاستكمال بناء أي بلد , ووصفها بأنها “عناصر ربط واقعية”، باعتبارها “مجموعة من الاقتصادات الناشئة التي تمثل نقاط اتصال أساسية في اقتصاد عالمي منقسم إلى كتلتين متنافستين”
وبحسب التقرير، فإن الخطاب الحالي من واشنطن وبكين هو “إما أن تكون معنا أو ضدنا”، لكن ليست كل الدول تخضع لذلك. ولم تدعم الرباط، إلى جانب 4 عواصم أخرى، أيًا من جانبي الجغرافيا السياسية الجديدة. فالصراع الذي ساهم في تحقيقهما مجتمعين لمخرجات اقتصادية أكبر من الهند، حقق شيئاً مماثلاً لما حققته الدول التي احتلت المرتبة الأولى في العالم، مثل ألمانيا واليابان
وفي التقرير الذي نشرته “بلومبرغ بيزنس ويك” بالشراكة مع “بلومبرغ إيكونوميكس”، وضع المغرب على خط واحد مع المكسيك وبولندا وفيتنام وإندونيسيا، رغم أن تاريخه وسياساته مختلفة تماما، لكنه وجد نقطة التقاء لهما. نفسه. تتجسد في تحقيق مكاسب اقتصادية من خلال العمل على… أن تصبح همزة وصل بين أمريكا والصين وبين أوروبا وآسيا
ورغم أنها ليست الدول الوحيدة التي اختارت سياسة “عدم الانحياز الاقتصادي”، إلا أنها الأكثر نجاحا في تحويل نفسها إلى مساحات محايدة ذات أهمية كبيرة، بفضل موقعها الجغرافي وقدرتها على تسهيل العمليات التجارية. مما جعلها تحتكر 4% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي وتجذب استثمارات بقيمة 550 مليار دولار منذ عام 2017
وبالنظر تحديدا إلى المغرب، يؤكد التقرير على الإمكانيات المتاحة للبلاد، حيث أنها تمتلك أكبر مخزون من الفوسفاط في العالم، الذي أصبح عنصرا هاما في قطاع صناعة السيارات، نظرا لانخراطه في صناعة الحديد والمركبات ويتزايد استخدام بطاريات فوسفات الليثيوم في السيارات الكهربائية، بالإضافة إلى توفر المملكة على منظومة صناعة السيارات
ويشير التقرير إلى أن الرباط بنت علاقات قوية مع الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا، في إطار سلسلة التورط في البطاريات الكهربائية، إضافة إلى أنها بلد منفتح على الاستثمارات الأجنبية المباشرة دون النظر إلى ولائها لأحد. أطراف النزاع، مما جعلها ساحة للتنافس أو التعاون بين الشركات من جنسيات مختلفة، بغض النظر عن انتمائها
وتمكن المغرب من جذب استثمارات أجنبية بقيمة 15.3 مليار دولار سنة 2022، مما يؤكد المسار التصاعدي الذي عرفته البلاد في السنوات الأخيرة.
كما تم اختيار المغرب لأنه بلد يساعد على تجنب تعقيدات قوانين الدول الأخرى، مثل قانون مراقبة التضخم الأمريكي الصادر عام 2022، والذي دفع شركة “إل إم شيرم” الصينية إلى نقل قاعدتها العالمية إلى المملكة. بدء الإنتاج في عام 2026، للاستفادة من التخفيضات الضريبية الأمريكية على واردات الأجزاء والمعادن من الدول التي أبرمت معها اتفاقيات تجارة حرة