تقرير يكشف اختلالات النظام الضريبي في المغرب ويثير جدلاً حول العدالة الاجتماعية
أظهر تقرير حديث، أُعد بشراكة بين الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، الفضاء الجمعوي، وترانسبرانسي المغرب، وجود تحديات كبيرة تعيق تحقيق رؤية “الدولة الاجتماعية” في مشروع قانون المالية للسنة المقبلة.
وأشار التقرير إلى أن النظام الضريبي الحالي يعاني من غياب العدالة والفعالية، مع استفادة الشركات الكبرى بشكل كبير من التعديلات الضريبية، بينما يتحمل المواطنون عبئًا غير متوازن.
و لفت التقرير إلى الحجم الكبير للضرائب غير المباشرة المفروضة على الاستهلاك، والتي وصفها بأنها عشوائية وغير عادلة، لأنها لا تراعي القدرات الاقتصادية الحقيقية للمواطنين.
وأوضح أن 57% من عائدات ضريبة الدخل تأتي من الرواتب والدخول المماثلة، ما يعكس اعتمادًا كبيرًا على الطبقة العاملة، في مقابل استفادة أكبر لرأس المال من الإعفاءات والمراجعات الضريبية.
ورغم مراجعة مقياس الضريبة على الدخل لأول مرة منذ عام 2010، وصف التقرير التعديلات بأنها “رمزية”، حيث لم تؤدِ إلى تحسين حقيقي لدخل الأفراد بما يتماشى مع مستويات التضخم والواقع الاقتصادي.
و أكد التقرير أن إصلاح الضريبة على الشركات الذي بدأ في عام 2023 ركز بشكل أساسي على تخفيض الضرائب على الشركات الكبرى، خاصة تلك التي تهيمن على القطاعات الحيوية مثل المحروقات.
وأشار إلى أن شركة “أفريقيا”، المملوكة لرئيس الحكومة، استفادت من هذه المراجعات التي قلصت الضريبة المفروضة عليها تدريجيًا من 20% إلى 10% بحلول 2026.
في المقابل، ارتفعت الضريبة على المقاولات الصغيرة والمتوسطة من 10% إلى 20%، مما أثقل كاهل هذا القطاع الحيوي الذي يعد محركًا رئيسيًا لخلق فرص العمل ودعم الاقتصاد المحلي.
و انتقد التقرير غياب آليات تقييم فاعلية الإعفاءات الضريبية، والتي من المتوقع أن تبلغ 32 مليار درهم في عام 2024. ووصفها بأنها تُمنح كامتيازات دون أي التزام واضح في مجال الاستثمار أو خلق فرص العمل.
سلط التقرير الضوء على التهرب الضريبي كأحد التحديات الكبرى للنظام المالي، مشيرًا إلى ضعف عمليات التدقيق بسبب نقص الموارد البشرية، حيث لا يتجاوز عدد المدققين 500 شخص مسؤولين عن مراقبة أكثر من 600 ألف شركة. وأضاف أن غياب الحماية لمفتشي الضرائب يجعلهم عرضة للتعسف، مما يضعف فعالية النظام ككل.
اختتم التقرير بالدعوة إلى إصلاح شامل للنظام الضريبي، يرتكز على تعزيز العدالة الاجتماعية والشفافية، وزيادة كفاءة الرقابة الضريبية، مع تحسين سياسات توزيع العبء الضريبي بين مختلف الفاعلين الاقتصاديين لتحقيق تنمية مستدامة وشاملة.