تزايد التلاعبات المالية عبر حسابات “المقاولين الذاتيين” يثير قلق البنوك المغربية
كشف مصدر مصرفي عن ارتفاع حاد في المشكلات المرتبطة بحسابات “المقاولين الذاتيين”، مما دفع بعض البنوك الكبرى إلى اتخاذ إجراءات احترازية.
وأفادت المصادر بأن هذه البنوك قامت بتجميد عمليات السحب على المكشوف ورفض طلبات الحصول على دفاتر شيكات جديدة، سواء من خلال الوكالات البنكية أو عبر التطبيقات الرقمية.
وتشير التحقيقات إلى تورط بعض شركات البناء في استغلال شيكات “المقاولين الذاتيين” كضمان غير قانوني لتحصيل سلع وخدمات. حيث تم إقناع العمال الموسميين، خصوصًا في المناطق القروية، بالانخراط في برنامج المقاول الذاتي عبر التسجيل في بوابة خاصة لفتح حسابات بنكية والحصول على دفاتر شيكات.
وقالت المصادر إن الشركات المتورطة عرضت تسهيلات مالية مبدئية لا تتجاوز غالبًا 30 ألف درهم، بهدف جذب هؤلاء العمال للانضمام إلى البرنامج.
وقد تم توجيههم لاختيار قطاع الخدمات كنشاط رسمي لهم، مع وعود بصفقات مستقبلية وزبائن محتملين، قبل أن تُستغل شيكاتهم في المعاملات التجارية للشركات.
وتقوم هذه الشركات بعد ذلك بضخ مبالغ مالية في حسابات “المقاولين الذاتيين”، ثم مطالبتهم بسحبها نقدًا وإرجاعها بهدف تضخيم حركة الأموال داخل الحسابات، مما يجعلها تبدو نشطة أمام البنوك. وفي مرحلة لاحقة، يتم استخدام الشيكات الموقعة كضمان لتسوية فواتير وكمبيالات لمزودين تجاريين.
من جهته، أفاد تقرير صادر عن بنك المغرب بارتفاع عدد الأشخاص الممنوعين من إصدار الشيكات إلى 701 ألف شخص، بزيادة عن السنة الماضية.
وتشير البيانات إلى أن 85% من هذه الحالات تعود إلى “المقاولين الذاتيين”، مع ارتفاع ملحوظ في عدد الشيكات المرفوضة بسبب نقص أو غياب المؤونة، حيث بلغ عدد الشيكات المرفوضة 802,826 شيكًا بمعدل رفض بلغ 3.2%.
وتتزامن هذه التلاعبات مع جهود الحكومة المغربية التي تهدف إلى تحفيز الشباب على الانخراط في برنامج المقاول الذاتي، والذي يتيح تسهيلات في إنشاء المقاولات مع إعفاءات ضريبية وشروط مرنة.
لكن تزايد هذه الظواهر يثير القلق حول فعالية الرقابة على هذه الفئة، مما يستدعي دعوات لتشديد الرقابة على استخدام الشيكات ضمن هذا النظام، واتخاذ تدابير إضافية لضمان عدم استغلال المقاولين الذاتيين.
تسلط هذه الأزمة الضوء على الثغرات الموجودة في النظام المصرفي والإجراءات التنظيمية، مما يتطلب اتخاذ إجراءات عاجلة لمعالجة الوضع، وحماية سمعة القطاع المالي وضمان حقوق المقاولين الذاتيين.