البنك الدولي: المغرب يواجه تحديات اقتصادية هيكلية بسبب الجفاف ويحتاج إلى إصلاحات هيكلية عاجلة
أفاد تقرير البنك الدولي الأخير حول “النمو في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا” بتوقعات انخفاض نمو الناتج المحلي الإجمالي للمغرب إلى 2.9% في 2024، مقارنة بـ 3.4% في العام السابق.
ويرجع هذا الانخفاض إلى تأثيرات الجفاف المستمر، الذي ألقى بظلاله على القطاع الزراعي وأدى إلى تراجع الإنتاج المحلي من المحاصيل الرئيسية، مما يعكس التحديات الاقتصادية العميقة التي تتطلب حلولًا عاجلة.
وأشار التقرير إلى أن قطاع الزراعة في المغرب، الذي يعد من أهم محركات الاقتصاد الوطني، يعاني بشكل ملحوظ من آثار الجفاف المستمر، مما أسفر عن تراجع كبير في إنتاج الحبوب وزيادة الاعتماد على الواردات لتلبية الاحتياجات المحلية.
هذا الوضع ساهم في ارتفاع العجز في الحساب الجاري، الذي من المتوقع أن يصل إلى 1% من الناتج المحلي الإجمالي في 2024، مقارنة بـ0.6% في 2023، وهو ما يعكس الضغط المستمر على الاقتصاد المغربي بسبب التحديات المناخية.
على الرغم من هذه الأوضاع الصعبة، حقق المغرب نجاحًا ملحوظًا في خفض معدل التضخم إلى 1.5% في 2024، بعد أن كان قد سجل 6.1% في 2023.
وتُعزى هذه النتيجة إلى الإجراءات النقدية التي تبناها بنك المغرب، بما في ذلك خفض أسعار الفائدة في يونيو 2024، والتي ساهمت في تعزيز استقرار الأسعار ودعم النشاط الاقتصادي في البلاد.
فيما يتعلق بالمالية العامة، نجح المغرب في تقليص العجز المالي ليصل إلى 4.2% من الناتج المحلي الإجمالي في 2024، مقارنة بـ 4.4% في العام السابق.
و يعود هذا التحسن إلى مجموعة من الإصلاحات المالية، مثل تقليص الدعم على الغاز والبوتان وزيادة الإيرادات الضريبية، رغم التحديات المستمرة بسبب تأثيرات الجفاف على الإيرادات الزراعية.
وفيما يخص مستوى المعيشة، يشير البنك الدولي إلى أن المغرب لا يزال يعاني من فجوة كبيرة مقارنة بالدول المتقدمة، حيث يبلغ استهلاك الفرد المغربي حوالي 10% فقط من استهلاك الفرد في الدول الكبرى.
كما أن المؤشرات التعليمية لا تتجاوز 51% من المتوسط العالمي، ما يستدعي تعزيز الاستثمار في التعليم والتنمية البشرية لتحقيق تقدم مستدام في تحسين مستوى الحياة.
رغم التحديات الاقتصادية والمناخية، تمكن المغرب من جذب استثمارات استراتيجية، خاصة في مشاريع البنية التحتية والصناعات التحويلية.
هذه الاستثمارات تعد من الأدوات الحيوية لتعزيز تنافسية الاقتصاد الوطني على الصعيدين الإقليمي والدولي. ومع ذلك، يواجه القطاع الصناعي صعوبات في ظل انخفاض الطلب على صادراته، بما في ذلك الفوسفات.
وبالتالي، يشير البنك الدولي إلى ضرورة تعزيز التنويع الاقتصادي ودعم الابتكار في القطاعات غير التقليدية مثل التكنولوجيا والخدمات، مما يساهم في خلق فرص جديدة للنمو.
وفي ظل استمرار الجفاف، أكد التقرير على ضرورة تطوير سياسات مائية أكثر كفاءة لضمان تحسين إدارة الموارد الطبيعية وتقليل الاعتماد على الواردات الغذائية. يعد تعزيز الإنتاج المحلي خطوة أساسية لتخفيف الضغوط الاقتصادية وتقليل الاعتماد على الأسواق الدولية.
وفي المستقبل، تحتاج المملكة إلى تسريع تنفيذ الإصلاحات الهيكلية في مختلف القطاعات، مع التركيز على تحسين جودة التعليم وتعزيز الابتكار التكنولوجي.
هذا يعد جزءًا من استراتيجيات التكيف مع التغيرات المناخية وتعزيز الاستدامة الاقتصادية. وفي هذا السياق، يمكن أن تساهم الصناعات الخضراء في خلق اقتصاد أكثر مرونة في مواجهة الأزمات.
وأوصى البنك الدولي بضرورة تحسين بيئة الأعمال وتشجيع الاستثمارات في رأس المال البشري، لضمان نمو اقتصادي مستدام. هذه الجهود تبقى أساسية لتمكين المغرب من التغلب على التحديات المناخية والمالية، وضمان استقراره الاقتصادي والاجتماعي في المستقبل.