إصلاح قطاع الأدوية في المغرب: بين كسر الاحتكار وتعزيز الصناعة المحلية
صرّح أمين التهراوي، وزير الصحة والحماية الاجتماعية، بأن تسعير الأدوية في المغرب لا يزال يثير الجدل، رغم الإصلاحات التي شهدها القطاع، كان آخرها سنة 2013 بموجب المرسوم رقم 2-13-852.
وأوضح الوزير أن هوامش ربح الصيدلي والموزع تُعدّ أحد العوامل الأساسية التي تحدد السعر النهائي للأدوية، مشيرًا إلى أن هذه الأسعار تتأثر كذلك بتكلفة التصنيع، والتي تُنقص بشكل تدريجي مع ارتفاع سعر الدواء لتصبح تكلفة جزافية للأدوية الباهظة.
و في مداخلته أمام لجنة القطاعات الاجتماعية خلال مناقشة الميزانية الفرعية للوزارة، أوضح التهراوي أن مقارنة هوامش الربح بين الصيادلة المغاربة ونظرائهم في الخارج لا تعكس الواقع.
وأكد أن الصيدليات في الدول الأخرى تعتمد على مصادر دخل إضافية، مثل تعويض خدمات الحراسة واستبدال الأدوية الأصلية بجنيسة، فضلًا عن التثقيف الصحي.
وأشار الوزير إلى أن ارتفاع أسعار الأدوية يشكل تهديدًا لديمومة صناديق التأمين الصحي، خاصة مع تعميم التأمين الإجباري عن المرض وظهور أدوية باهظة الثمن.
وأعلن عن إعداد رؤية شاملة ومندمجة بالتعاون مع الوزارات المعنية ورئاسة الحكومة، تهدف إلى مراقبة الأسعار وتشجيع استخدام الأدوية الجنيسة، مع تعزيز الصناعة المحلية لضمان توفر أدوية عالية الجودة بأسعار مناسبة.
أكد التهراوي أن أسعار معظم الأدوية شهدت تخفيضات متتالية، آخرها إعفاء المنتجات الصيدلية من الضريبة على القيمة المضافة في قانون المالية لسنة 2024، وهو ما يطال حوالي 4500 دواء أصيل وجنيس. كما كشف عن خطط لتخفيض إضافي في أسعار 169 دواء خاص بالأمراض المزمنة قريبًا.
و أبرز الوزير أهمية تصنيع الأدوية محليًا، مشيرًا إلى مصنع إنتاج اللقاحات في بنسليمان كمثال على تقليل الاعتماد على الاستيراد الذي يؤدي إلى ارتفاع الأسعار.
كما دعا إلى الاستثمار في البحوث الصيدلانية وفتح السوق أمام الشركات العالمية التي تقدم أدوية بأسعار تنافسية لتعزيز المنافسة وخفض الأسعار.
في سياق متصل، أشار فوزي لقجع، الوزير المنتدب المكلف بالميزانية، إلى أن أسعار بعض الأدوية في المغرب تفوق نظيراتها العالمية بأربعة أضعاف بسبب هيمنة بعض الشركات على السوق تحت غطاء الإنتاج الوطني. وأكد أن الإجراءات الجديدة تهدف إلى كسر هذا الاحتكار وضمان عدالة الأسعار بما يلبي تطلعات المواطنين.
يشهد قطاع الأدوية في المغرب خطوات إصلاحية مهمة تهدف إلى تحسين القدرة الشرائية للمواطنين وضمان ديمومة صناديق التأمين الصحي.
وبينما تستمر الجهود لتشجيع الصناعة المحلية واستخدام الأدوية الجنيسة، يبقى التحدي الأكبر هو إيجاد التوازن بين توفير أدوية عالية الجودة بأسعار مناسبة وكسر الاحتكار الذي يثقل كاهل المواطنين.
