الاقتصادية

هل تهدد سياسة “ترامب” الاقتصادية بتصعيد حرب تجارية جديدة مع الصين؟

خلال فترة ولايته الأولى، فرض الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب تعريفات جمركية تراوحت بين 10% و25% على مجموعة من المنتجات الزراعية الصينية، مثل المأكولات البحرية ومنتجات الألبان.

واليوم، مع اقتراب عودته إلى البيت الأبيض في ولاية ثانية، يُهدد ترامب بزيادة التوترات الاقتصادية مع الصين من خلال خطط لفرض تعريفات جمركية شاملة قد تصل إلى أكثر من 60% على كافة الواردات الصينية.

على الرغم من الخطوات الانتقامية المحتملة من الصين، إلا أن بكين تواجه تحديات كبيرة، لاسيما مع تباطؤ النمو الاقتصادي المحلي، وضعف ثقة المستهلكين، وارتفاع معدلات البطالة بين الشباب، مما يجعل من الصعب تجاهل تهديدات ترامب.

حافظت إدارة الرئيس الحالي جو بايدن على معظم السياسات التي بدأها ترامب ضد الصين، حيث ارتفع عدد الشركات الصينية الخاضعة للعقوبات الأمريكية إلى 1412 كيانًا في العام 2024، وفقًا لبيانات شركة “روديوم جروب”.

ورغم الردود الصينية على الإجراءات الأمريكية في فترة ولاية ترامب الأولى، بما في ذلك فرض تعريفات جمركية، تبدو الصين في وضع اقتصادي يجعلها أقل قدرة على خوض حرب تجارية شاملة هذه المرة.

يعتقد “تشاو مينجهاو”، خبير العلاقات الدولية في جامعة “فودان” في شنغهاي، أن الصين لن تكرر نفس النهج الذي تبنته أثناء رئاسة ترامب الأولى، مستشهدًا برسالة الرئيس شي جين بينغ التي دعا فيها إلى التعاون بدلاً من المواجهة.

ومع ذلك، تستمر الصين في تعزيز علاقاتها مع حلفائها وتطوير قطاع التكنولوجيا ودعم الاقتصاد الوطني.

da8e0d70 0cfb 4d03 9a72 cacba7f3c645 Detafour

خلال السنوات الأخيرة، أقرّت الصين قوانين جديدة تسمح لها بوضع الشركات الأجنبية على قائمة العقوبات، ومنها قانون العقوبات ضد الأجانب الذي تم تمريره في يونيو 2021.

كما أن الصين تمتلك قوانين أخرى، مثل قانون الرقابة على الصادرات، الذي يمنحها سلطة التأثير على سلاسل التوريد العالمية للموارد الحيوية.

وبينما أشار “أندرو جيلهولم”، رئيس تحليلات الصين في شركة “كونترول ريسكس”، إلى أن بكين قد توجه بعض الضغوط الاقتصادية على المصالح الأمريكية، مثل العقوبات على شركات أمريكية كبرى، إلا أن ذلك قد يعود عليها بأضرار طويلة الأمد.

في المقابل، يرى بعض الخبراء أن تصعيد التوترات الاقتصادية مع الولايات المتحدة قد يُجبر الصين على التركيز بشكل أكبر على تطوير اقتصادها الوطني.

و على سبيل المثال، يعتقد “تشين تشيوو”، أستاذ التمويل في جامعة هونج كونج، أن هذه التحديات قد تكون في صالح الصين على المدى البعيد، حيث ستتجه بكين إلى تعزيز قوتها الاقتصادية والعسكرية لتلبية طموحاتها الجيوسياسية.

من جهة أخرى، يرى “وانج شيانج وي”، رئيس التحرير السابق لصحيفة “ساوث تشاينا مورنينج بوست”، أن الضغوط الأمريكية قد تُحفز الصين على تغيير استراتيجيتها الاقتصادية، وقد تدفعها إلى البحث عن شركاء تجاريين جدد بعيدًا عن أمريكا.

منذ بداية ولاية ترامب الأولى، شهد الاقتصاد الصيني تباطؤًا ملحوظًا في النمو، حيث تراجع من حوالي 7% إلى 4.5%. كما واجهت الصين أزمة في سوق العقارات، مما أدى إلى تفشي مشكلة المدن شبه الفارغة. وارتفع معدل البطالة بين الشباب إلى مستويات قياسية، مما يضعف آفاق النمو على المدى الطويل.

fb1710ab a620 439b bc35 b9a54d5e1795 Detafour

تبيع الصين منتجات بقيمة تفوق 400 مليار دولار سنويًا للولايات المتحدة، إضافة إلى المليارات الأخرى التي تُدرّها المنتجات المباعة عبر أسواق أخرى. وفي حال تنفيذ تهديدات ترامب بفرض تعريفات جديدة، فقد تكون هذه خطوة قاسية تؤثر سلبًا على التجارة الدولية والوظائف في الصين.

رغم هذه التحديات، يعتقد البعض أن رجل الأعمال “إيلون ماسك”، الذي يمتلك مصنعًا لشركة “تسلا” في الصين، قد يلعب دورًا في تحسين العلاقات بين البلدين ومنع تصاعد الصراع التجاري.

إجمالاً، يبقى الوضع الاقتصادي الصيني معقدًا في ظل التهديدات الأمريكية المستمرة، ويبدو أن خيارات الانتقام من بكين أصبحت أكثر تقييدًا مقارنة بالفترات السابقة، مما يفتح الباب لتطورات غير متوقعة في العلاقات بين أكبر اقتصادين في العالم.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى