تقرير : المغرب يتصدر قائمة الدول الإفريقية الأكثر مديونية
أظهر تقرير حديث لبنك الاستثمار الأوروبي (BEI) أن المغرب يحتل موقعًا متقدمًا في إفريقيا من حيث مديونية الأسر، حيث يبلغ معدل المديونية حوالي 30% من الناتج المحلي الإجمالي، متجاوزًا بذلك مستوى الدول ذات الأسواق شبه الناشئة.
ويُعد هذا الرقم دلالة على ارتفاع اعتماد الأسر المغربية على الاقتراض لتغطية نفقاتها.
فيما يتعلق بمديونية الشركات، يأتي المغرب في المرتبة الثانية على مستوى القارة بعد تونس، على الرغم من أن معدل مديونية القطاع الخاص في المغرب يبقى أقل من المتوسط العالمي للدول الناشئة والمتقدمة.
وتميل الشركات في إفريقيا عمومًا إلى الاقتراض أكثر من الأسر، حيث لا تتجاوز مديونية الشركات 10% من الناتج المحلي الإجمالي في ست دول فقط، بينما تسجل 13 دولة معدلات مديونية للأسر في مستويات مشابهة.
ويرى المحلل الاقتصادي، ياسين أعليا، أن تصاعد القروض للأسر والشركات يعكس تناقضاً واضحاً بين الضرورة لتحفيز الاستهلاك والاستثمار وبين الأزمة الاقتصادية التي تعانيها البلاد.
ويشير أعليا إلى أن هذه القروض، وإن كانت تستهدف تعزيز الاستهلاك والاستثمار، تعكس في المقابل تآكل القدرة الشرائية وضعف معدلات الادخار.
وأضاف أعليا أن تراكم الديون يشكل حلاً ضروريًا للكثير من المواطنين والشركات لسد احتياجاتهم المالية في ظل ضعف القدرة على الادخار، ما يؤدي إلى نمط “الديون المستمرة”، حيث يلجأ الأفراد والشركات إلى اقتراض متزايد لتلبية احتياجاتهم.
ويوضح أعليا أن ارتفاع التضخم هو أحد الأسباب الرئيسية التي ساهمت في تآكل القدرة الشرائية، مما دفع العديد إلى الاعتماد على القروض، والتي غالبًا ما تكون موجهة نحو الاستهلاك بدلاً من الاستثمار، ليصبح هذا التوجه تحديًا هيكليًا يعمق من الأزمة.
وأشار أعليا إلى أن غالبية القروض الموجهة للأسر تتركز في القطاع العقاري، حيث يُعتبر توفير السكن من المتطلبات الأساسية، لاسيما مع ارتفاع تكاليف الإيجار.
كما سجل أن القروض الصغرى الموجهة في الغالب للاستهلاك تعكس عمق الأزمة البنيوية التي تواجهها الأسر المغربية، حيث يلجأ العديد منهم إلى الاقتراض لسداد أقساط القروض السابقة، مما يؤدي إلى تراكم ما يعرف بـ “كرة الثلج” التي تضعف القدرة الشرائية وتزيد من الأعباء المالية.
وبخصوص الحلول المقترحة، يرى أعليا أن تعزيز الاستثمار في المشاريع المنتجة لفرص العمل يمكن أن يسهم بشكل كبير في تحسين الأوضاع الاقتصادية.
وأكد أن زيادة الدخل الثابت للمواطنين من خلال خلق فرص عمل مدرة للدخل الثابت قد تكون خطوة أساسية نحو تمكين الأسر من تلبية احتياجاتها دون اللجوء إلى الاقتراض. كما أشار إلى أهمية النظر في نوعية الاستثمارات وليس فقط حجمها، وذلك في ظل ارتباط الاقتصاد المغربي بقطاعات حيوية تتأثر بالعوامل المناخية بشكل مباشر.
يبدو أن مواجهة أزمة المديونية تتطلب تعزيز سياسات اقتصادية شاملة تهدف إلى زيادة قدرة المواطنين على الادخار والحد من الاعتماد المفرط على القروض، وهو ما سيسهم بدوره في تخفيف الأعباء المالية وتعزيز الاستقرار الاقتصادي.