الفحم لا يزال يسود على الرغم من الانتقال إلى الطاقة المتجددة
تشير التقارير المتتالية إلى التقدم الملحوظ في تحول الطاقة، مع تسجيل مستويات قياسية في توليد الكهرباء من مصادر الرياح والطاقة الشمسية.
لكن الواقع يبدو مختلفًا تمامًا بعيدًا عن الأضواء؛ حيث لا يزال الفحم يحتفظ بمكانته كملك الطاقة، ومن المرجح ألا يتغير هذا الوضع في المستقبل القريب.
ذكرت وكالة رويترز مؤخرًا أن إنتاج الطاقة من الفحم في الهند انخفض للشهر الثاني على التوالي في سبتمبر، ويرجع ذلك إلى ارتفاع إنتاج الطاقة الشمسية وتراجع الطلب على الكهرباء.
لكن في الوقت ذاته، سجلت الهند أعلى مستوى لواردات فحم الكوك في ست سنوات خلال النصف الأول من السنة المالية الأخيرة.
في المقابل، لا يزال الفحم يمثل أكبر مصدر لإمدادات الطاقة في الصين، رغم كونها أكبر مطور لقدرات الرياح والطاقة الشمسية عالميًا.
وفقًا لأحدث الأرقام، يمثل الفحم 60٪ من توليد الطاقة في الصين، ومن غير المرجح أن يتغير هذا في المستقبل القريب.
لقد أوضحت كل من الهند والصين أنهما لن تتبعان مثال المملكة المتحدة في إغلاق محطات الطاقة التي تعمل بالفحم في الوقت الراهن.
بل إن كلا البلدين أعطيا الأولوية لأمن الطاقة والأسعار المعقولة بدلاً من الانبعاثات، رغم سعيهما لتنويع مصادر الطاقة.
من المفارقات أن الفحم هو الذي يغذي في الأساس التحول في مجال الطاقة، حيث يوفر الطاقة الرخيصة التي تعتمد عليها الشركات الصينية وغيرها من الشركات الآسيوية في تصنيع مكونات الرياح والطاقة الشمسية والمركبات الكهربائية، مما يساعد في الحفاظ على تكاليف الإنتاج منخفضة.
كما أن الزيادة في الطلب على الطاقة من مراكز البيانات قد تعزز الطلب على الفحم في بعض المناطق حيث لا يزال الغاز الطبيعي مكلفًا.
في أحدث توقعات الطاقة العالمية، أثنت وكالة الطاقة الدولية على التحول في مجال الطاقة، مشيرة إلى أن نمو الطلب على الطاقة في المستقبل سيعتمد بالكامل على الطاقة الشمسية وطاقة الرياح.
ومع ذلك، أكدت أن الطلب على الفحم لن يبدأ في الانخفاض على الأقل حتى عام 2030، رغم توقعاتها بتراجع الطلب على جميع الهيدروكربونات.
في تقريرها، أوردت وكالة الطاقة الدولية أن توقعاتها للطلب على الفحم قد تم تعديلها بالزيادة نتيجة لتحديث توقعات الطلب، خاصة من الصين والهند. وبالرغم من الانخفاض المتوقع بنسبة 2٪ سنويًا حتى عام 2050، إلا أن الطلب على الفحم سيظل أعلى بنسبة 6٪ في عام 2030 مقارنةً بالتقديرات السابقة.
تشير هذه المعطيات إلى أن وكالة الطاقة الدولية قد تكون أخطأت في تقديراتها السابقة حول زوال الفحم، مما يستدعي مراجعة توقعاتها مرة أخرى في العام المقبل.
في الوقت الذي تسعى فيه العديد من الدول إلى تقليل الاعتماد على الفحم، فإن الهند والصين تدركان أن تلبية احتياجات الطاقة لاقتصاداتهما وناخبيهما تتصدر الأولويات على حساب الانبعاثات.
بينما تستثمر الدول الغربية في تكنولوجيا تخزين الطاقة، مثل البطاريات، فإن هناك حاجة ملحة لضمان قدرة أساسية على توليد الكهرباء. الوقت الحالي يمثل فرصة كبيرة للتعلم من تجربة الصين والهند في مجال الطاقة.