توتر سوق النفط: توازن بين المخاوف الجيوسياسية وعوامل العرض والطلب
تعيش سوق النفط في الفترة الأخيرة حالة من القلق جراء التوترات المتزايدة في الشرق الأوسط، خاصةً بعد الهجوم الإيراني بالصواريخ على الكيان الصهيوني في الأول من أكتوبر.
هذا الهجوم أثار مخاوف من أن رد فعل إسرائيل قد يستهدف المنشآت النفطية الإيرانية، مما قد يؤدي إلى تصاعد النزاع في المنطقة.
ومع ذلك، اختارت إسرائيل عدم استهداف المنشآت النفطية، مما أسهم في تراجع أسعار النفط بنحو 5% في بداية الأسبوع.
الضربات الإسرائيلية انصبت على مواقع الدفاع الجوي والبنية التحتية العسكرية الإيرانية، مما أعاد الأمل في تجنب حرب شاملة قد تؤثر سلبًا على إمدادات الطاقة العالمية.
هذا القرار المدروس من قبل إسرائيل يعكس توقعات واشنطن، حيث اتفق الرئيس الأمريكي “جو بايدن” مع رئيس الوزراء الإسرائيلي “بنيامين نتنياهو” على الخطوط العريضة للرد قبل أسبوعين في مكالمة هاتفية.
وفي الحادي عشر من أكتوبر، أعلن البيت الأبيض عن تشديد العقوبات النفطية على إيران، بما في ذلك إجراءات ضد شركات الشحن التي تساعد إيران في نقل النفط.
وعبر “بايدن” عن تفاؤله بأن إسرائيل لم تستهدف سوى الأهداف العسكرية، معبرًا عن أمله في أن تكون هذه هي النهاية للأعمال العدائية.
و على الرغم من تجنب التصعيد في الوقت الحالي، حذر المحلل “فيل فلين” من أن المخاوف بشأن النزاع في الشرق الأوسط لم تنتهي بعد، مؤكدًا أن التهديدات لتعطيل الإمدادات لا تزال قائمة.
كما أشار “جولدمان ساكس” إلى أن المخاطر المرتبطة بالإمدادات ستستمر طالما استمر النزاع في المنطقة.
وعلقت “وارن باترسون” و”إيوا مانثي” من “آي إن جي” على أن الرد المحدد من إسرائيل يفتح المجال لخفض التصعيد، مما يتضح من ردود فعل السوق في بداية الأسبوع.
في حين يرى محللو “إيه إن زد ريسيرش” أن أسعار النفط قد تتراجع، حيث تم تقليل حجم وفعالية الهجوم الإيراني. وبناءً عليه، من المتوقع أن تتقلص علاوة المخاطر الجيوسياسية على أسعار النفط.
و مع تراجع المخاوف بشأن إمدادات النفط من الشرق الأوسط، يتجدد التركيز على العوامل الأساسية مثل وفرة المعروض ونمو الطلب.
وقد أشار محللو “جولدمان ساكس” إلى تحول السوق نحو مخاطر وفرة المعروض المتوقعة العام المقبل، مع خطط أعضاء “أوبك” للتخلي عن التخفيضات الإنتاجية.
ويضيف “آندي ليبو” أن السوق عادت للتأكيد على أنها تعاني من فائض في المعروض. في الجانب الآخر، تواجه الصين – أكبر مستورد للنفط في العالم – صعوبة في استعادة نموها الاقتصادي، مما يؤثر سلبًا على استهلاك النفط.
تظهر استطلاعات الرأي مؤشرات على تقارب بين المرشحين الرئاسيين الأمريكيين “دونالد ترامب” و”كامالا هاريس” قبل الانتخابات، مما قد يؤثر على مستقبل صناعة النفط الصخري في الولايات المتحدة. يعد “ترامب” بزيادة الإنتاج المحلي، بينما تميل “هاريس” إلى سياسات بيئية أكثر صرامة.
من المتوقع أن تعود أسعار النفط إلى نطاق يتراوح بين 75-95 دولارًا مع بداية موسم التدفئة والسفر. في المقابل، خفضت “سيتي ريسيرش” توقعاتها لأسعار خام برنت إلى 70 دولارًا للبرميل، بينما يتوقع “جولدمان ساكس” متوسط أسعار يبلغ 76 دولارًا في العام المقبل.
إجمالاً، تظل سوق النفط محاطة بحالة من عدم اليقين، سواء من حيث السياسات الأمريكية أو التوترات المحتملة في الشرق الأوسط أو فائض المعروض في السوق أو آفاق الطلب في الصين.