صراع العمالقة: الصين والولايات المتحدة تتنافسان على النفوذ في تايوان

تنظر الصين إلى تايوان، التي تتمتع بالحكم الذاتي، كإقليم منفصل يجب أن يعود في النهاية إلى سيطرتها، ولا تستبعد استخدام القوة لفرض ذلك.

و بينما تعتبر تايوان نفسها دولة مستقلة، تربطها علاقات قوية مع الولايات المتحدة، حيث تمتلك دستوراً خاصاً وحكومة منتخبة ديمقراطياً.

تتسم تايوان بأهمية استراتيجية كبيرة، إذ تقع في ما يُعرف بـ “سلسلة الجزر الأولى”، وهي مجموعة من الأراضي الحيوية بالنسبة للسياسة الخارجية الأمريكية.

بالإضافة إلى ذلك، تلعب تايوان دوراً مهماً في صناعة الرقائق، حيث تسيطر شركة “تي إس إم سي” على إنتاج أشباه الموصلات التي تستخدم في معظم الأجهزة الإلكترونية حول العالم.

و إن سيطرة الصين على الجزيرة قد تعني هيمنتها على صناعة حيوية تؤثر على الاقتصاد العالمي.

تبعد تايوان، التي يقدر عدد سكانها بـ 23.5 مليون نسمة، حوالي 160 كيلومتراً عن ساحل الصين. تاريخ الجزيرة مليء بالأحداث، فقد كانت موطناً لقبائل أصلية خضعت لسيطرة إمبراطورية تشينغ الصينية في القرن السابع عشر.

و في عام 1895، أصبحت تايوان مستعمرة يابانية، وبعد الحرب العالمية الثانية، استولت الصين على الجزيرة بقيادة الحكومة القومية التي هربت إليها بعد انتصار الشيوعيين في عام 1949.

هذا التاريخ يظل نقطة خلاف بين الجانبين. بينما يستخدم الحزب الشيوعي التاريخ كدليل على حقه في ضم تايوان، يعتبر التايوانيون أن استقلالهم هو دليل على عدم انتمائهم للدولة الصينية الحديثة.

على الرغم من عدم حكم الصين لتايوان، فإن قياداتها تصر على أن الجزيرة هي جزء من الأراضي الصينية ويجب إعادتها، حتى بالقوة إذا لزم الأمر.

حاولت الصين كسب دعم سكان الجزيرة عبر القوة الناعمة، ولكنها لم تتردد في استخدام التهديدات. وفي وقت سابق، أعلن الرئيس الصيني أن هدف إعادة التوحيد يجب أن يتحقق بحلول موعد محدد.

من جهة أخرى، أكّد الرئيس التايواني “لاي تشينج” في خطاب عيد بلاده الوطني على موقفه الرافض للضغوط الصينية، مشدداً على أن تايوان ليست تابعة للصين، مما أثار رد فعل قوياً من بكين، حيث حلقت 153 طائرة حربية صينية حول تايوان في مناورات عسكرية تهدف إلى محاكاة هجوم شامل.

تشير الصين إلى استعدادها للسعي من أجل إعادة التوحيد السلمي، لكنها لا تتعهد بالتخلي عن استخدام القوة، مما يزيد من حدة التوترات.

وقد دعا الرئيس الصيني القوات إلى تعزيز الاستعداد للحرب، في ظل استمرار المناورات العسكرية حول تايوان.

على الرغم من تحديث الجيش الصيني لقواته وزيادة تدريباته، فإن غزو تايوان يمثل تحدياً معقداً. لم تخض المؤسسة العسكرية الصينية حربًا كبرى منذ أكثر من سبعة عقود، وتعتبر أي عملية غزو أو حصار لتايوان من أكثر العمليات العسكرية تعقيدًا.

من الناحية العسكرية، تعتمد الصين على قدرات ضخمة، ولكن هناك عوامل دفاعية قوية لدى تايوان، بما في ذلك معرفة التضاريس المحلية واستعداد القوات التايوانية.

و تلعب الولايات المتحدة دوراً حاسماً كداعم لتايوان، حيث تقدم لها الأسلحة الدفاعية وتؤكد على التزامها بالدفاع عن الجزيرة.

إن زيارة رئيسة مجلس النواب الأمريكي نانسي بيلوسي لتايوان عام 2022، على سبيل المثال، أثارت استجابة صارمة من الصين، والتي قامت بإجراء تدريبات عسكرية مكثفة حول الجزيرة.

مع اقتراب الانتخابات الأمريكية، قد تتغير الديناميكيات في العلاقات بين واشنطن وبكين، حيث يمكن أن تؤثر نتائج الانتخابات على موقف الولايات المتحدة تجاه تايوان، سواء من حيث الدعم العسكري أو السياسة الاقتصادية.

بالتالي، ستظل تايوان واحدة من أكثر القضايا تعقيداً في العلاقات الدولية، مع إمكانية حدوث تغييرات هامة في المستقبل القريب.