بعد عشرين عاماً: هل حققت اتفاقية التجارة الحرة مع الولايات المتحدة أهدافها بالنسبة للمغرب؟
مرت عشرون سنة على توقيع المغرب والولايات المتحدة الأمريكية اتفاقية للتبادل الحر، مما جعل المملكة أول دولة إفريقية تمتلك اتفاقية من هذا النوع مع “أقوى اقتصاد في العالم”.
ومع ذلك، تتزايد التساؤلات حول جدوى هذه الاتفاقية ومدى استفادة المغرب من هذا “الامتياز”، خاصة بعد التصريحات الأخيرة لوزير الصناعة والتجارة، رياض مزور.
و في حفل أقامته غرفة التجارة الأمريكية بالمغرب بمناسبة الذكرى العشرين لتوقيع الاتفاقية في عام 2004، أشار الوزير مزور إلى رغبة المغرب في إعادة تقييم الاتفاقية بهدف تحقيق “توازن تجاري أكثر عدلاً بين البلدين”.
وقد لاحظ أن صادرات المغرب إلى الولايات المتحدة لا تزال ضعيفة مقارنة بالواردات، رغم أن حجم التجارة بين البلدين تضاعف بمعدل 2.5 إلى 3 مرات خلال العقدين الماضيين.
تظهر البيانات المتاحة حول العلاقات التجارية بين البلدين أن الميزان التجاري يميل لصالح الولايات المتحدة. وفقًا لمرصد التعقيد الاقتصادي، صدّرت الولايات المتحدة إلى المغرب ما قيمته 4.34 مليار دولار في عام 2022، مع تصدر الغاز كأكبر الصادرات بقيمة 1.46 مليار دولار.
بينما صدّر المغرب نحو 1.67 مليار دولار إلى الولايات المتحدة، حيث تصدرت الأسمدة المعدنية والكيميائية قائمة الصادرات المغربية بقيمة 347 مليون دولار. يُظهر ذلك فجوة كبيرة في التجارة تبلغ حوالي 2.6 مليار دولار لصالح الولايات المتحدة.
يرى إدريس الفينة، أستاذ المعهد الوطني للإحصاء والاقتصاد التطبيقي، أن العجز التجاري المغربي تجاه الولايات المتحدة يعود إلى “داء العطب القديم”.
فقد كانت الكفاءات المسؤولة عن صياغة الاتفاقية من الجانب المغربي غير مؤهلة بما يكفي في مجال التجارة الدولية. ويشير إلى أنه كان يمكن للمغرب استغلال هذه الاتفاقية لجلب استثمارات من بلدان أخرى وتصريفها إلى الولايات المتحدة عبر بوابته.
ويعتبر الفينة أن الاتفاقية تُعد امتيازًا كبيرًا للمغرب، نظراً لندرة إبرام الولايات المتحدة لمثل هذه الاتفاقيات. لكنه يؤكد على ضرورة وجود كفاءات قادرة على استغلال هذا الامتياز بشكل فعّال.
تظل الحاجة ملحّة لتحسين استغلال المغرب لهذه الاتفاقية من خلال تعزيز الكفاءات الاقتصادية، والاهتمام بالجانب الاستثماري، والعمل على تحقيق توازن تجاري أفضل مع الولايات المتحدة.
إن نجاح المغرب في هذا المجال قد يسهم في تحقيق مزايا اقتصادية مستدامة تعود بالنفع على الاقتصاد الوطني.