تقلبات سريعة..مكاسب وخسائر في سوق الأسهم
في عالم المال والاستثمار، تتأثر أسواق الأسهم بشكل سريع بالأخبار والأحداث الكبرى، ولكن خلف هذا الاندفاع، هناك سر يتعلق بكيفية استغلال المستثمرين لهذه المعلومات لتحقيق أرباح ضخمة.
يتنافس المستثمرون على الاستفادة من كل معلومة جديدة، بدءًا من نتائج الأرباح إلى القرارات السياسية المفاجئة. لكن ما هو موقف التسريبات المالية؟ هل تُعتبر وسيلة غير قانونية أم أداة سرية يستخدمها البعض لبناء ثرواتهم؟
في كتابه “السلوك غير العقلاني” (Irrational Exuberance)، رصد الاقتصادي “روبرت شيلر” تأثير الأخبار والعواطف على الأسواق المالية، كما تناول كيفية تفاعل الأسواق مع المعلومات، سواء كانت علنية أو سرية، وكيف يؤثر ذلك في قرارات المستثمرين والمضاربات.
و أشار “شيلر” إلى دور الإعلام في تضخيم الأحداث الاقتصادية، مما يساهم في خلق الفقاعات من خلال نشر الأخبار والتحليلات التي تغذي التوقعات المفرطة حول الأسهم، وبالتالي تؤثر على قرارات المستثمرين.
تداول الأسهم بناءً على الأخبار والتسريبات المالية يُعتبر من أكثر الاستراتيجيات التي يعتمد عليها المستثمرون لتحقيق أرباح سريعة. المعلومات الجديدة، سواء كانت اقتصادية أو سياسية، يمكن أن تؤدي إلى تقلبات كبيرة في الأسواق، مما يسعى المستثمرون لاستغلاله، رغم وجود تحديات قانونية ومخاطر.
شهدت أسهم شركة (إيه إس إم إل) للرقائق أكبر خسارة لها منذ طرحها للاكتتاب، حيث انخفض سهمها بنحو 15.7% بعد إصدار أرباح الربع الثالث عن طريق الخطأ قبل الموعد المحدد. هذا الانخفاض يعكس دور الأخبار المالية في تشكيل حركة الأسواق.
تشير الأبحاث إلى أن 70-80% من تحركات السوق تحدث بسبب الأخبار والمعلومات الجديدة. دراسة حديثة أظهرت أن الإفصاحات المالية المفاجئة يمكن أن تؤدي إلى تغييرات في أسعار الأسهم تصل إلى 5-10% في يوم واحد.
و في العصر الحديث، أصبحت التكنولوجيا جزءًا أساسيًا من استراتيجيات الاستثمار المعتمدة على الأخبار. يمكن لتطبيقات التداول الإلكتروني وخوارزميات الذكاء الاصطناعي تحليل الأخبار في الوقت الفعلي، مما يمكّن المستثمرين من اتخاذ قرارات سريعة.
تشير التقارير إلى أن 70% من إجمالي حجم التداول في الأسواق الأمريكية يتم بواسطة الخوارزميات التي تعتمد على تحليل الأخبار والبيانات.
إعلانات النتائج المالية ربع السنوية تُعتبر من أبرز الأخبار التي تؤثر على تحركات الأسهم. على سبيل المثال، ارتفع سهم “تسلا” بنسبة 12% بعد إعلان أرباح أعلى من المتوقع في عام 2022.
كما تؤثر الأخبار الاقتصادية والقرارات الكبرى مثل رفع أسعار الفائدة بشكل مباشر على الأسواق.
التسريبات المالية، والتي تشمل معلومات حول الأرباح أو الاستحواذات أو الإطلاقات الجديدة للمنتجات، قد تؤثر أيضًا على السوق بشكل مباشر. هذا النوع من المعلومات يمكن أن يحقق أرباحًا ضخمة، لكنه يحمل مخاطر قانونية.
التداول بناءً على التسريبات المالية يعد مخالفًا للقوانين في العديد من الدول، مما يعرض المستثمرين لغرامات كبيرة وحتى السجن. في عام 2022، فرضت هيئة الأوراق المالية والبورصات (SEC) في الولايات المتحدة غرامات تتجاوز 4.7 مليار دولار على قضايا تتعلق بالتداول بناءً على معلومات غير معلنة.
في يوليو الماضي، تم تغريم المحامي السابق لشركة أبل “جين ليفوف” بمبلغ 1.15 مليون دولار بعد إقراره بالذنب في تداول أسهم بناءً على معلومات غير معلنة، مما يسلط الضوء على المخاطر المرتبطة بهذه الممارسات.
إن استغلال الأخبار والتسريبات المالية يمكن أن يكون سلاحًا ذو حدين، حيث يجلب الفرص والأرباح السريعة، لكنه أيضًا يحمل تبعات قانونية وخيمة.