هل يستطيع “مول الحانوت” التكيف مع الدفع الإلكتروني؟
في إطار جهود تعزيز الدفع الإلكتروني بين التجار الصغار، قام بنك المغرب مؤخرًا بإصدار قانون تنظيمي يحدد العمولة على المدفوعات الإلكترونية التي يدفعها التجار للبنوك بنسبة لا تتجاوز 0.65%.
يهدف هذا القرار إلى الحد من الممارسات التي كانت ترفع العمولة إلى مستويات تؤثر سلبًا على هوامش ربح التجار.
ورغم هذه الخطوة، يبقى التساؤل مطروحًا حول مدى استعداد “مول الحانوت” لاعتماد الدفع الإلكتروني، خاصة في ظل التحديات الثقافية والتكنولوجية.
فعلى الرغم من مزايا الدفع الإلكتروني في تسهيل المعاملات، يواجه تجار القرب، الذين يتمتعون بهوامش ربح ضئيلة ويؤدون دورًا اجتماعيًا مهمًا في الأحياء الشعبية، صعوبات كبيرة في التكيف مع هذا الخيار حاليًا.
وفي هذا السياق، أكد الطيب أيت أباه، عضو سابق في غرفة التجارة وفاعل مهني بمدينة تمارة، أن اعتماد التجار الصغار على الدفع الإلكتروني لا يزال بعيد المنال.
وأوضح أن الثقافة الاستهلاكية للمغاربة، خصوصًا في الأحياء الشعبية، وعدم قدرة معظم التجار على استخدام الأدوات التكنولوجية يعيقان هذه الخطوة.
وأضاف أن الشعار الذي رفعته الحكومات بشأن “عصرنة قطاع التجارة” لم يتحقق بشكل ملموس حتى الآن.
وأشار أيت أباه إلى أن أسلوب عمل تجار القرب لا يزال عشوائيًا، حيث يقومون بتوثيق مشتريات الزبائن الذين يستفيدون من خدمة “الكريدي” على أوراق متفرقة، مما يصعب اعتماد الدفع الإلكتروني.
وأكد على أن “مول الحانوت” لا يمكن اعتباره كغيره من الفاعلين الاقتصاديين في المغرب، نظرًا لدوره الاجتماعي المهم.
وشدد أيت أباه على أن وجود تجار القرب يرتبط بدورهم الاجتماعي، حيث يلبي احتياجات المغاربة بناءً على قدرتهم الشرائية وعاداتهم الاستهلاكية.
فالكثيرون يعتمدون على هؤلاء التجار لشراء المنتجات الأساسية بكميات صغيرة، مثل التوابل والسكر والزيت، وهي منتجات قد لا تتوفر بكميات كافية في المتاجر الكبرى، مما يجعل الدفع الإلكتروني خيارًا صعب التنفيذ في هذه الحالات.
وتحدث أيت أباه، الذي يمتلك أكثر من 30 عامًا من الخبرة المهنية، عن الخصوصيات الثقافية والاجتماعية لتجار القرب، مؤكدًا أنهم يساهمون في توازن القدرة الشرائية للعديد من الأسر في الأحياء الشعبية.
وتوقع أنه مع تحسن القدرة الشرائية للمغاربة في المستقبل، قد يتجهون نحو المتاجر الكبرى، مما يهدد بوجود “تجارة القرب”.
قبل التوجه نحو تشجيع تجار القرب على اعتماد الدفع الإلكتروني، دعا أيت أباه إلى البحث عن حلول تنموية تأخذ بعين الاعتبار الخصوصيات الاجتماعية والثقافية لهذا القطاع، الذي لا يركز بالضرورة على حسابات الربح والخسارة كما هو الحال مع التجار الآخرين.
وأكد أن “مول الحانوت” يمثل تراثًا اجتماعيًا يستحق الدعم والحفاظ عليه لمواجهة المنافسة المتزايدة من سلاسل المتاجر الكبرى التي دخلت السوق المغربية في السنوات الأخيرة.