ارتفاع الأسعار رغم تراجع التضخم: لغز اقتصادي يثير التساؤلات
تواجه الأسواق المغربية تحديات ملحوظة رغم التوقعات بتباطؤ الضغوط التضخمية منذ بداية 2024. فالعديد من المواطنين يعانون من ارتفاع الأسعار في المواد الاستهلاكية الأساسية، مما يطرح تساؤلات حول استدامة هذه الزيادة وما إذا كانت الأسعار ستعود إلى مستويات تتناسب مع القدرة الشرائية للأفراد.
توقع بنك المغرب، عقب اجتماعه الفصلي الثالث في 2024، تباطؤ التضخم الإجمالي من 6.1% في 2023 إلى 1.3% في 2024، ثم تسارعه إلى 2.5% في 2025. وأشار إلى أن التضخم يسير ضمن مستويات معتدلة، مع انخفاض في أسعار المواد الغذائية المتقلبة.
ومع ذلك، تستمر تقلبات أسعار العديد من المواد الأساسية في السوق المغربية، مثل الدجاج والسمك واللحوم الحمراء وبعض الخضروات والفواكه.
في تحليل لشبكة “CNBC” الأمريكية، تم التأكيد على أهمية التمييز بين “تباطؤ التضخم” و”الانكماش”، حيث يعني الأول تراجع وتيرة ارتفاع الأسعار، بينما يشير الثاني إلى انخفاض الأسعار إلى ما دون مستوياتها السابقة.
وأشار الخبير الاقتصادي هدي غريب إلى أن التفاؤل بشأن تباطؤ التضخم يعد “فقاعة كبيرة”، مؤكداً أن أسعار الأزمة المرتفعة أصبحت مرجعية جديدة. وأكد على ضرورة تحقيق “انكماش” للوصول بأسعار معقولة تلائم جيوب المغاربة.
في فرنسا، أظهر تحليل اقتصادي تراجع التضخم للمنتجات واسعة الاستهلاك في المتاجر الكبرى، حيث تواصل أسعار الدواجن والأسماك انخفاضها بفضل “الانكماش”، مدفوعاً بانخفاض أسعار النفط العالمية.
وحذر غريب من أن استمرار ارتفاع الأسعار سيؤدي إلى ضعف الطلب، مما سيسبب أزمة اقتصادية على المدى الطويل، حيث لا يمكن تعافي العرض دون انتعاش الطلب.
وفيما يتعلق بالتدابير الممكنة، أكد غريب أن السلطات الاقتصادية يمكنها استخدام أدوات ماكرو اقتصادية، مثل تخفيض سعر الفائدة الرئيسي، لتعزيز الاستهلاك.
ومع ذلك، أشار إلى أن هذا الحل قد لا يكون كافياً في سياق الاقتصاد المغربي، مما يتطلب تغييراً جذرياً في العلاقة بين السياسة والاقتصاد.