مع تقلبات أسواق الأسهم وخسائر السندات… هل أصبح الكاش هو الخيار الأفضل الآن؟
تسيطر حالة عدم اليقين على أسواق الأسهم والسندات في جميع أنحاء العالم، حيث يتم تقييم اتجاه السياسة النقدية ونتائج الحرب ضد التضخم.
هذه الصورة غير الواضحة دفعت بعض المستثمرين إلى المسارعة إلى اقتناء سندات دين قصيرة الأجل تعادل النقد أو النقد، خاصة أنها تقدم حاليا عوائد مرتفعة خالية من المخاطر.
وبلغ العائد على سندات الخزانة الأمريكية لثلاثة أشهر 5.5%، وهو مستوى لم تشهده البلاد منذ عام 2000.
ومع ذلك، لم يتلق أصحاب الودائع في البنوك الأمريكية سوى جزء صغير من هذه الزيادة، حيث بلغ متوسط حساب التوفير الأمريكي 0.45%.
كما فقد المستثمرون الفرصة لكسب عوائد مماثلة لتلك التي يحصلون عليها من أدوات الدين القصيرة الأجل سريعة التسييل.
وفي نهاية العام الماضي، كان العائد على سندات الخزانة لمدة ستة أشهر أعلى من عائد أرباح الشركات المدرجة على مؤشر ستاندرد آند بورز 500 للمرة الأولى منذ 22 عاما.
يتم تعريف التدفق النقدي على أنه سعر الفائدة الذي تدفعه الحكومة الأمريكية على سندات الخزانة لمدة ثلاثة أشهر، في حين يشير عائد توزيعات أرباح مؤشر S&P 500 إلى أرباح الشركات المؤشرة مقسومة على قيمة المؤشر.
و يميل المستثمرون الأفراد إلى الاستثمار في منتجات الديون الحكومية الأمريكية قصيرة الأجل من خلال منصات تداول معينة.
و على الرغم من أن هذه الأصول لم تكن متاحة إلا على هذه المنصات منذ شهر مارس الماضي، إلا أنها أصبحت بالفعل الأصول الأكثر شراءً، حيث يقوم واحد من كل 10 مستخدمين جدد بشراء سندات الخزانة في معاملتهم الأولى.
ويعكس الطلب على سندات الخزانة الأمريكية اتجاها أوسع نحو خيارات آمنة ولكن ذات عائد مرتفع.
كما تستثمر صناديق سوق المال في أدوات منخفضة المخاطر وقصيرة الأجل. وقد تلقت هذه الصناديق أكثر من 880 مليار دولار هذا العام، مما رفع أصولها إلى مستوى قياسي بلغ 5.7 تريليون دولار.
ورافق الاتجاه نحو السيولة، من جهة، تقلبات في أسواق الأسهم، ومن جهة أخرى، استمرار تراجع السندات الحكومية.
ورغم أن مؤشرات الأسهم الأمريكية واصلت ارتفاعها منذ بداية العام الجاري، إلا أنها تعرضت لتقلبات قوية في الأسابيع الأخيرة.
وقد ساهمت إشارة بنك الاحتياطي الفيدرالي الأخيرة إلى سياسة “أسعار الفائدة الأعلى لفترة أطول” في تقلبات أسواق الأسهم العالمية.
و يعتزم الاحتياطي الفيدرالي رفع أسعار الفائدة مرة أخرى هذا العام، بعد 11 زيادة تمت الموافقة عليها منذ مارس 2022، إلى نطاق 5.25% و5.5% حاليًا.
كما أصبحت سوق الأسهم حساسة للغاية للبيانات الاقتصادية، حيث أكد مسؤولو بنك الاحتياطي الفيدرالي أن قرارات السياسة سيتم اتخاذها بناءً على البيانات وتوقعات التضخم، مما يؤدي إلى مزيد من التقلبات في الأسهم.
ولا يزال مؤشر داو جونز مرتفعا بنحو 2.5% حتى الآن هذا العام، كما ارتفع مؤشر ستاندرد آند بورز 500 وناسداك بنحو 13% و29% على التوالي.
ومن ناحية أخرى، انخفضت أسعار سندات الخزانة الأمريكية بشكل حاد في الآونة الأخيرة، مع وصول العائدات إلى مستويات لم تشهدها منذ 15 عاما على الأقل، مع وجود علاقة عكسية بين السعر والعائد.
تسير سندات الخزانة الأمريكية على الطريق الصحيح للانخفاض للعام الثالث على التوالي، وهي أطول سلسلة خسائر منذ بدء جمع البيانات في عام 1787.
وقد أصبحت بعض مبادئ الاستثمار التقليدية موضع تساؤل، كما يتضح من الأداء الضعيف لاستراتيجية 60/40.
وتتضمن الاستراتيجية تخصيص 60% من المحفظة الاستثمارية للأسهم و40% للسندات، حيث تهدف بشكل عام إلى الموازنة بين المخاطر وسلامة الاستثمار.
ترى “كارين وارد” كبيرة استراتيجي السوق لأوروبا والشرق الأوسط وإفريقيا في “جيه بي مورجان أسيت مانجمنت” أنه في حين يبدو الكاش مغرياً للمستثمرين حالياً، فإن الأمر لا يبدو صحيحاً.
أشارت “كارين” إلى أنه في حال حدوث ركود اقتصادي عالمي – كما تشير بعض التوقعات – فإن معدلات الفائدة على الدين قصير الأجل لن تستمر عند المستويات المرتفعة الحالية، بينما ستتفوق عوائد السندات طويلة الأجل.
كما أنه في حال حفاظ الاقتصاد العالمي على قوته، فإن الكاش سيظل يقدم عوائد مرتفعة، لكن أسواق الأسهم من المرجح أن تتفوق في الأداء.
تشير “كارين” إلى أنه في السيناريو الثالث والذي يتمثل في حدوث ركود تضخمي عالمي، فإن أسهم السلع والأسواق الخاصة ستحقق عوائد أعلى من الكاش.
على الرغم أن الكاش يقدم عوائد مرتفعة وآمنة في الوقت الحالي، فإنه قد لا يكون الخيار الأمثل في كل السيناريوهات المحتملة للاقتصاد والأسواق العالمية في الفترة المقبلة، وفقاً لـ”كارين”.