المغرب والولايات المتحدة…شراكة استراتيجية في مواجهة التحديات الإقليمية
تشهد العلاقات بين المغرب والولايات المتحدة تحولات متسارعة على الصعيدين السياسي والاقتصادي في ظل التغيرات الجيوسياسية العالمية.
و يُعتبر قرار الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء من أبرز الأحداث التي تجسد هذه التحولات، ويُعَتبر تجسيدًا لاستراتيجية أمريكية عميقة تتعلق بالأمن والجغرافيا السياسية.
و مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية الأمريكية، تُطرح تساؤلات جديدة حول تأثير احتمال عودة الرئيس الجمهوري السابق دونالد ترامب على العلاقات بين البلدين.
فقد لعب ترامب دورًا محوريًا في اعتراف الولايات المتحدة بمغربية الصحراء، وهو ما يثير التساؤل حول إمكانية تأثير عودته المحتملة إلى الرئاسة على تنفيذ الاتفاقيات المرتبطة باتفاقية أبراهام.
يُبرز هذا القرار، الذي أثار جدلاً واسعاً على الصعيد الدولي، أكثر من كونه خطوة رمزية، حيث يعكس استراتيجية أمريكية قائمة على اعتبارات أمنية وجيوسياسية.
و يُعد المغرب شريكًا استراتيجيًا للولايات المتحدة في شمال إفريقيا، وله دور حيوي في مكافحة الإرهاب بفضل موقعه الجيوسياسي القريب من منطقة الساحل المضطربة.
وفي هذا الإطار، يقدم خبير العلاقات الدولية محمد شقير تحليلاً شاملاً لأبعاد هذا الاعتراف وأثره على مستقبل العلاقات بين المغرب والولايات المتحدة.
و يشير شقير إلى أن الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء لم يكن قرارًا عشوائيًا، بل كان نتيجة استراتيجية مدروسة تعزز من مكانة المغرب كحليف استراتيجي لأمريكا.
ويدعو شقير إلى إدراك أن المغرب، بفضل استقراره النسبي مقارنة بدول شمال إفريقيا الأخرى، يلعب دورًا أساسيًا في تعزيز الأمن الإقليمي.
كما يسلط شقير الضوء على الدور البارز الذي لعبه ترامب في تسريع هذا الاعتراف، خاصةً مع استئناف العلاقات بين المغرب وإسرائيل. وقد شجع ترامب على اتخاذ هذا القرار بشكل رسمي، مما دفع الرئيس الحالي جو بايدن إلى الحفاظ على الموقف الأمريكي الثابت.
رغم أن الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء هو قرار دولة مستمر، فإن وتيرة تنفيذ السياسات قد تختلف باختلاف الإدارات.
وفي حال عودة ترامب إلى الرئاسة، يرى شقير أن العلاقات المغربية الأمريكية قد تشهد تسارعًا في اتخاذ قرارات هامة، مثل فتح قنصلية أمريكية في الداخلة، مما قد يسهم في تسريع تنفيذ بنود اتفاقية أبراهام التي تتجاوز الاعتراف لتشمل تعزيز التعاون الاقتصادي والتنموي.
من جهة أخرى، يشير شقير إلى أن هناك عوامل أخرى قد تسهم في تعزيز العلاقات بين المغرب والولايات المتحدة بغض النظر عن هوية الرئيس الأمريكي المقبل.
و على سبيل المثال، المبادرة الأطلسية التي أطلقها المغرب وسعيه لتعويض فرنسا في منطقة الساحل بعد انسحابها.
و يعتقد شقير أن وجود رئيس جديد قد يؤدي إلى بطء في تنفيذ بعض القرارات نظرًا لنقص الخبرة مقارنةً بترامب. لكنه يوضح أن الاستراتيجية الأمريكية تجاه المغرب تظل ثابتة، مع اختلافات في سرعة تنفيذ القرارات، ولكن ليس في جوهر السياسات.