المغرب يتجه نحو تصحيح مسار الاستثمارات وتوقعات تشير إلى انتعاش كبير في 2024
بعد فترة من التحديات الكبيرة التي أثرت على تدفقات الاستثمارات في المغرب مقارنة بخمسة عشر بلداً إفريقياً خلال عام 2023، بدأت المملكة في تصحيح مسارها بفضل مجموعة من المبادرات الاستراتيجية التي تهدف إلى تعزيز مكانتها كوجهة استثمارية رائدة.
بحسب مجلة “جون أفريك” الفرنسية، يتطلع المسؤولون المغاربة إلى عام 2024 كفرصة لتحسين بيئة الاستثمار، حيث تشير التقديرات الأولية إلى أن عائدات الاستثمار الأجنبي المباشر قد تتجاوز 46 مليار درهم، شريطة أن تستمر الظروف الاقتصادية على نفس الوتيرة.
وفي حال تباطؤ النمو، من المتوقع أن تتراوح العائدات بين 38 و40 مليار درهم.
وأشار التقرير إلى أن الآفاق تبدو أكثر تفاؤلاً في عام 2024، بفضل زيادة المشاريع الجديدة، خصوصاً في مجالات الهيدروجين الأخضر والصناعات الثقيلة.
وقد أفادت وكالة “مازن” بأنها تلقت أكثر من 40 طلباً لمشاريع هيدروجينية من دول مثل الولايات المتحدة وأوروبا وآسيا والشرق الأوسط.
خلال عام 2023، اتخذت الحكومة المغربية خطوات مهمة لجذب الاستثمارات الأجنبية، من خلال إطلاق ميثاق استثماري جديد وتنظيم حملات ترويجية على الصعيد الدولي، بهدف تعزيز صورة المغرب كوجهة استثمارية واعدة، لاسيما في قطاعات الطاقة والصناعة والتكنولوجيا.
رغم هذه الجهود، سجل المغرب أدنى مستوى للاستثمار الأجنبي المباشر منذ عام 2004، حيث بلغ 1.09 مليار دولار مقارنة بـ 2.26 مليار دولار في العام السابق.
ووفقاً لتقرير “الأونكتاد”، تراجع ترتيب المغرب في إفريقيا إلى المرتبة السادسة عشرة، بينما احتل المرتبة الثانية على مستوى المغرب العربي بعد تونس.
استفادت المعارضة، بقيادة حزب التقدم والاشتراكية، من تراجع الاستثمارات الأجنبية المباشرة بنسبة 53% في 2023 لتوجيه انتقادات للحكومة، متهمة إياها بالفشل في تحقيق الأهداف الاستثمارية وعدم القدرة على جذب الاستثمارات اللازمة لتنويع الاقتصاد وتوفير فرص العمل، وعدم الوفاء بالتزاماتها في الميثاق الوطني للاستثمار.
رغم هذه التحديات، تشير المصادر الحكومية إلى أن الإصلاحات التي أجرتها الحكومة ستبدأ قريباً في تحقيق نتائج ملموسة.
حيث أشار وزير الصناعة والتجارة، رياض مزور، إلى أن المشاريع الكبرى في مجالات البطاريات الكهربائية والنسيج والصناعات الغذائية قد وصلت إلى مستويات استثمارية غير مسبوقة على صعيد القارة الإفريقية، مما يبشر بمستقبل واعد للاقتصاد المغربي.
من جانبه، أوضح هشام شعودري، مدير الاستثمارات في وزارة الصناعة والتجارة، أن تراجع الاستثمارات الأجنبية المباشرة في المغرب يعود إلى عوامل عالمية مثل أزمة أوكرانيا وارتفاع أسعار الفائدة، والتي أثرت سلباً على المناخ الاستثماري العالمي وأدت إلى انخفاض الاستثمارات في العديد من الدول، بما في ذلك المغرب.
في الختام، تؤكد المجلة الفرنسية أن هذه التوقعات تأتي في وقت حاسم، حيث تسعى المملكة جاهدة لاستعادة مكانتها كوجهة استثمارية متميزة في القارة الإفريقية.