لماذا يسعى رأس المال الخاص للاستحواذ على حصة أكبر في أندية كرة القدم الأمريكية؟
في اجتماع خاص الشهر الماضي، وافقت أندية دوري كرة القدم الأمريكية، أو ما يعرف بـ “الدوري الوطني لكرة القدم”، على السماح لمجموعة من شركات الأسهم الخاصة بالاستثمار في الأندية والحصول على حصص تصل حتى 10%.
وجاء هذا التصويت بعد مناقشات مطولة، وبعدما شهدت أندية الدوري الوطني كيف لعبت أموال شركات الأسهم الخاصة دورًا في ازدهار المنافسات الرياضية الرئيسية الأخرى في الولايات المتحدة منذ عام 2019.
ومع ذلك، تعد رابطة كرة القدم الأمريكية، واحدة من أكثر الكيانات قيمة في عالم الرياضات الاحترافية، حيث تعتبر اللعبة الأكثر شعبية في الولايات المتحدة، وكذلك الأكثر قدرة على توليد الإيرادات، متفوقة حتى على بعض أبرز دوريات كرة القدم التقليدية حول العالم.
ورغم أن هذه الحصص صغيرة نسبيًا، فإنها مع ذلك، تسمح لمستثمري الأسهم الخاصة ببيع أجزاء من حصصهم إلى شركائهم، وهو ما تسمح به أيضًا رابطة البيسبول ودوري كرة السلة للمحترفين في الولايات المتحدة.
ويأتي ذلك في وقت يرى فيه مستثمرو الأسهم الخاصة، أن الرياضات الكبرى أصبحت فئة استثمارية مجزية، مؤكدين أن رأس المال الخاص لن يكون له تأثير على امتيازات الفرق، فيما يقول خبراء إن العديد من الأندية سترحب بالأموال الوفيرة لهذه الكيانات الاستثمارية.
ماذا تستفيد الرياضة من هذا الاستثمار؟
– قد تذهب استثمارات شركات الأسهم الخاصة نحو تحديث الاستادات وبناء منشآت جديدة، كما يمكن أن تساعد في تعديل التقييمات المرتفعة بالفعل، والتي تبلغ في المتوسط 6.49 مليار دولار لكل فريق، وفقًا لحسابات شبكة “سي إن بي سي” لعام 2024.
– كانت فرق الدوري الوطني لكرة القدم مملوكة تقليديًا للعائلات (أحيانًا لأجيال عدة) والأفراد أصحاب الثروة المرتفعة، وفي السنوات الأخيرة، ارتفعت أسعار شراء الامتيازات بشكل كبير.
– بيع نادي واشنطن كوماندرز مقابل 6.25 مليار دولار في عام 2023، ونادي دنفر برونكوز مقابل 6.20 مليار دولار في عام 2022، ونادي كارولينا بانثرز في عام 2018 مقابل 2.275 مليار دولار.
– تقول “شيرين مالكاني”، الرئيسة المشاركة لـ “بيركنز كوي- Perkins Coie” للمحاماة واستشارات الأسهم الخاصة: “المشكلة هي أنه لم يعد هناك الكثيرون الذين يستطيعون تحمل تكاليف الأندية، لذا، توجد مشكلة سيولة”.
– لكن الأمر الأكثر إلحاحًا مرتبط بالعائلات التي تمتلك أندية وتواجه ضرائب التركة، ومن شأن بيع حصة لشركات الأسهم الخاصة أن يفتح مجالًا لهم للتنفس، وعمومًا، يمكن استخدام السيولة الإضافية لأي غرض يريده المالك الأصلي.
– إذا لم يكن لدى الملاك الأصليين ما يكفي من المال لتمويل النفقات المختلفة مثل بناء الملاعب الجديدة، أو إذا رفضت سلطات المدينة الشراكة بين القطاعين العام والخاص، فإن بيع 10% من الفريق قد يساعد، وفقًا للخبراء.
– بالنسبة للمالكين الذين ليس لديهم أي اهتمام بالبيع، فإن هذا التغيير لن يكون له تأثير يذكر، أما من يهتمون ببيع حصة، فستصبح شركات الأسهم الخاصة مستثمرين سلبيين في أنديتهم، ما يعني أنها لا تملك رأيًا في عمليات الفريق، ويمكنها فقط مناقشة الشؤون المالية.
كيف يستفيد المستثمرون؟
– لم تظهر أي علامات على تباطؤ نشاط دوري كرة القدم الأمريكي، فمتوسط قيمة الامتيازات أكبر من متوسط قيمة الامتيازات في الرياضات الأخرى، كما أن الدوري لديه صفقة حقوق بث ضخمة ومربحة.
– وقعت الرابطة اتفاقًا بقيمة 110 مليارات دولار مع الشركاء الإعلاميين مقابل الحصول على حق البث التلفزيوني والرقمي لمنافسات كرة القدم الأمريكية للمحترفين لمدة 11 عام تبدأ من موسم 2023، بمقدار 10 مليارات دولار في العام الواحد.
– كما أن الدوري الوطني لكرة القدم بدأ للتو في تعزيز حضوره الدولي، ويأتي في المرتبة الثانية بين الدوريات الرياضية الأمريكية الأكثر شعبية عالميًا بعد كرة السلة.
– لكنه يأتي أولًا وفقًا للإيرادات، حيث حقق 18.7 مليار دولار في موسم 2022- 2023 (مقارنة بنحو 11 مليارًا لدوري السلة للمحترفين و7.5 مليار للدوري الإنجليزي الممتاز لكرة القدم)، ما يجعله يبدو منجمًا للذهب.
– يبلغ إجمالي أصول المستثمرين الذين سمحت لهم الرابطة بشراء حصص في الأندية، نحو تريليوني دولار ويعتزمون تخصيص 12 مليار دولار لضخها في الفرق بمرور الوقت، وتتمتع كل الشركات الموافق عليها بسجل حافل في الاستثمار في الرياضة.
– في حين أن “أريس مانجمنت – Ares Management” تستثمر في جميع المجالات، فقد دخلت رسميًا إلى عالم الرياضة عام 2022 عندما شكلت صندوقًا يركز على الرياضة والإعلام وخصصت له 3.7 مليار دولار.
– إلى جانب “أريس”، وافقت الرابطة على استثمارات من “أركتوس بارتنرز – Arctos Partners”، والتي شكلت هذا العام صندوقها الاستثماري الثاني الذي يركز على الرياضة بإجمالي أصول 4.1 مليار دولار، فيما بلغت أصول الصندوق الأول 3 مليارات دولار.
– تمتلك “أركتوس” حصصًا في نحو 20 ناديًا، والتي من بينها أندية لكرة السلة للمحترفين وكرة البيسبول وكرة القدم التقليدية والهوكي، وحتى الرياضات الإلكترونية، وبذلك ستكون الشركة الوحيدة التي تستثمر في كل من الدوريات الرياضية الخمسة الكبرى في الولايات المتحدة.
– كما تضم قائمة المستثمرين المعتمدة، شركة “سيكسث ستريت بارتنرز- Sixth Street Partners”، والتي تمتلك حصصًا في أندية لكرة القدم التقليدية (بينها ريال مدريد الإسباني) وحصة من الحقوق الإعلامية لنادي برشلونة.
قواعد حذرة
– إلى جانب عدم قدرتهم على التصويت، وافقت الرابطة بشكل مبدئي على السماح بالاستثمار في الأندية من قبل 4 كيانات فقط (الثلاث شركات المذكورة سابقًا إلى جانب كورنستيوم من المستثمرين).
– جاءت الموافقة بعد تفكير طويل للغاية، فمنذ عام 2019، سمحت الدوريات الأربعة الرئيسية الأخرى (السلة والهوكي والبيسبول وكرة القدم التقليدية) ببيع حتى 30% من الأندية لشركات الأسهم الخاصة.
– بموجب قواعد رابطة كرة القدم الأمريكية، سيكون كل صندوق أو كونسرتيوم قادرًا على عقد صفقات مع ما يصل إلى ستة أندية، لكن سيكون الحد الأدنى لفترة الاحتفاظ بالحيازة في هذه الفرق ست سنوات.
– أيضًا أبلغت الرابطة المالكين والمستثمرين بشكل غير رسمي، أنها تنوي أخذ نسبة “صغيرة” من أرباح شركات الأسهم الخاصة على المبيعات المستقبلية لحصص الملكية، وهو إجراء لا تفرضه الدوريات الأخرى، لكنه كان مقبولًا لدى المستثمرين.
– بصفتهم مستثمرين، غالبًا ما تتولى شركات الأسهم الخاصة أدوارا في مجالس إدارة الكيانات التي يشترون حصة بها، لكن تختلف القواعد عندما يتعلق الأمر بالرياضة، وخاصة في الولايات المتحدة، حيث لا تحصل على قدر كبير من السيطرة على العمليات والموظفين.