Li-Fi: التقنية المستقبلية التي تفوق Wi-Fi بسرعات ضوئية وأمان متقدم
في ظل التطور التقني السريع وانتشار الأجهزة الذكية، نشهد تزايدًا في حركة البيانات، وهو ما وضع تقنيات الاتصال التقليدية مثل Wi-Fi تحت ضغط كبير.
لذلك، ظهرت تقنية جديدة تحمل اسم “Li-Fi” تعتمد على الضوء لنقل البيانات، وتعد بسرعات فائقة قد تفوق التقنيات التقليدية بمئات المرات.
Li-Fi هي اختصار لمصطلح “Light Fidelity”، وهي تقنية تعتمد على استخدام الضوء لنقل البيانات بدلًا من الموجات الراديوية المستخدمة في Wi-Fi.
باستخدام مصادر ضوئية مثل مصابيح LED المزودة بتكنولوجيا متقدمة، يمكن لـ Li-Fi تقديم سرعات اتصال أسرع بأكثر من 100 مرة من أجهزة توجيه الواي فاي التقليدية، إذ يتميز الضوء بنطاق ترددي أوسع بكثير من الموجات الراديوية.
إلى جانب السرعة الفائقة، توفر تقنية Li-Fi أمانًا أكبر للبيانات، حيث لا يمكن لإشارات الضوء اختراق الجدران، مما يجعلها مناسبة للاستخدام في المناطق التي تتطلب مستويات أمان عالية مثل المستشفيات والمنشآت العسكرية.
و تأسست فكرة تقنية Li-Fi على يد البروفيسور الألماني هارالد هاس في مطلع القرن الحادي والعشرين.
و في عام 2011، كشف هاس في مؤتمر TED عن إمكانية استخدام الضوء كوسيلة للاتصال اللاسلكي، وأطلق مصطلح Li-Fi. في مؤتمر آخر عام 2015 في لندن، عرض هاس كيفية بث مقطع فيديو عبر الضوء، مما أثار اهتمامًا كبيرًا بهذه التقنية.
لاحقًا، أسس هاس شركة (pureLiFi) بالتعاون مع الدكتور مصطفى أفغاني لتطوير هذه التقنية. وجمعت الشركة حتى الآن أكثر من 37.9 مليون يورو من الاستثمارات. كما تسعى الشركة إلى تسويق حلول Li-Fi تجاريًا لأجهزة مثل نظارات الواقع الافتراضي والهواتف الذكية.
تعتمد Li-Fi على تحويل البيانات إلى إشارات ضوئية عالية التردد، تُرسل من مصدر ضوء مثل مصباح LED إلى جهاز استقبال مزود بمحول يحول الإشارات الضوئية إلى بيانات رقمية. هذا النظام يتألف من مكونات أساسية: مصدر ضوء، وحدة تحكم، وجهاز استقبال.
و منذ ظهور تقنية Wi-Fi في عام 1996، تطورت بسرعة لتصبح جزءًا لا يتجزأ من حياتنا اليومية. لكن مع ظهور Li-Fi، نواجه فرصة لتحقيق قفزة هائلة في سرعة الاتصال.
تقنية Li-Fi، التي توفر سرعات تصل إلى 224 جيجابت في الثانية، تجعلها مثالية للاستخدامات التي تتطلب اتصالات فائقة السرعة مثل المدن الذكية والواقع الافتراضي وبث الفيديو بجودة 4K.
الأمان أيضًا ميزة رئيسية لـ Li-Fi، حيث أن اعتمادها على الضوء يجعلها أقل عرضة للتداخل والتجسس مقارنة بالواي فاي. وبالإضافة إلى ذلك، فهي تعتبر أكثر أمانًا صحيًا بفضل قلة الإشعاع الكهرومغناطيسي.
إلى جانب السرعة والأمان، تتميز Li-Fi باستقرار الاتصال، لأنها لا تتأثر بالتداخلات الكهرومغناطيسية مثل Wi-Fi. كما أن التقنية أكثر كفاءة في استهلاك الطاقة وتعتمد على مصادر الضوء المتاحة بالفعل.
لكن في المقابل، يواجه اعتماد Li-Fi عدة تحديات، مثل النطاق المحدود للاستخدام داخل الأماكن المغلقة، والحاجة إلى أجهزة خاصة مزودة بمستقبلات ضوئية، إضافة إلى غياب المعايير العالمية الموحدة.
و رغم أن تقنية Li-Fi لا تزال في مراحل البحث والتطوير، يتوقع الخبراء أن تصبح متاحة تجاريًا خلال السنوات الخمس المقبلة. تعمل شركات مثل (Oledcomm) و(VLNComm) على تطوير حلول مبتكرة تعتمد على هذه التقنية، مما يعزز التوقعات حول مستقبل واعد للاتصالات الضوئية.
و مع تزايد الاهتمام بتقنية Li-Fi في قطاعات مثل الإلكترونيات والسيارات والاتصالات، تشير التوقعات إلى إمكانات هائلة لهذه التقنية في تحسين العديد من جوانب حياتنا اليومية.
و في المستقبل القريب، يمكن أن نشهد ثورة في كيفية تفاعلنا مع الأجهزة بفضل Li-Fi، التي تعد بإحداث تغيير جذري في عالم الاتصالات.
و رغم التحديات الحالية، يُنتظر من تقنية Li-Fi أن تقدم حلولًا مبتكرة تسهم في سد الفجوة الرقمية وتوفير اتصالات آمنة وسريعة في جميع أنحاء العالم.