في وقت الأزمات من الأكثر تضرراً .. صناديق الاستثمار أم الأفراد؟
لا شك أن الانخفاضات الحادة التي شهدتها أسواق الأسهم العالمية مؤخرا قد تسببت في هلع العديد من المستثمرين.
وفي خضم هذا القلق، تتجدد أسئلة على غرار هل الاستثمار في الأسهم يستحق هذا العناء؟، وما التحرك الأمثل لتجاوز تلك الفترات؟، وغيرها من الأسئلة التي يسعى المستثمر للتعرف على إجاباتها بشكل دقيق حتى يتمكن من اتخاذ قراره الاستثماري الصحيح.
ومن بين الأسئلة التي قد تُطرح في فترات هبوط الأسواق؛ هل الأفراد المستثمرين في الأسهم الأكثر عرضة للخسارة أم صناديق الاستثمار؟
ولا شك أنه في الوقت الذي يسود فيه اللون الأحمر البورصات العالمية، يتأثر كل من الأفراد وصناديق الاستثمار الذين لديهم استثمارات بأسواق المال بطرق مختلفة.
ويصعب تحديد من يتكبد خسائر أكبر بشكل مطلق، لكن يمكن تحليل تأثير تلك الأزمات على كلا الجانبين، وتوضيح مواطن القوة التي يتمتع بها كل منهما.
بداية يمثل الاستثمار في الأسهم وصناديق الاستثمار المشتركة سبلاً جيدة من أجل استثمار الأموال، فكل منها يقدم مميزات فريدة وفوائد محتملة.
من الأفضل صناديق الاستثمار أم الأفراد؟
ولكن ما هي صناديق الاستثمار؟، صناديق الاستثمار هي نوع من أدوات الاستثمار التي تجمع الأموال من مجموعة من المستثمرين وتستثمرها في مجموعة متنوعة من الأصول، مثل الأسهم والسندات وأدوات سوق المال.
ويسمح هذا للمستثمرين بتنويع مخاطرهم وتحقيق أهدافهم المالية بسهولة.
لذا فإن أبرز ما تتمتع بيه تلك الصناديق هو تنوع محفظتها، إذ غالباً ما تكون صناديق الاستثمار لديها استثمارات في عدة شركات وقطاعات مختلفة حسب نشاط الصندوق.
هذا التنويع يمكن أن يحد من حجم الخسائر مقارنة بالأفراد الذين قد يكون لديهم استثمارات أقل تنوعاً.
أمر آخر تتمتع به صناديق الاستثمار وهو “الإدارة المحترفة”، وعادة ما تُدار بواسطة خبراء ماليين يستخدمون استراتيجيات مختلفة للتحوط ضد المخاطر، وهذا يمكن أن يساعد في تقليل الخسائر أو حتى تحقيق بعض العوائد في أوقات الأزمات.
قيمة أصول صناديق الاستثمار في بلدان منطقة اليورو خلال عامين (شملت فترة جائحة كوفيد19) |
||
الفترة الزمنية |
|
قيمة الأصول (بالتريليون دولار) |
الربع الثالث (2019) |
|
13.96 |
الربع الرابع (2019) |
|
14.28 |
الربع الأول (2020) |
|
13.1 |
الربع الثاني (2020) |
|
13.93 |
الربع الثالث (2020) |
|
14.26 |
الربع الرابع (2020) |
|
15.11 |
الربع الأول (2021) |
|
16.0 |
الربع الثاني (2021) |
|
16.7 |
لكن في أوقات الأزمات، قد يواجه مدراء الصناديق ضغوطاً من المستثمرين لسحب أموالهم، ما قد يجبر الصناديق على بيع الأصول بخسارة لتلبية طلبات السحب.
ولكن ماذا عن الأفراد المستثمرين في الأسهم؟ الأفراد قد يكونون أقل تنوعاً في استثماراتهم، ما يجعلهم أكثر عرضة للخسائر الكبيرة إذا تضررت الأسهم التي يستثمرون فيها بشكل كبير.
كما أن الأفراد قد يتصرفون بشكل عاطفي في أوقات الأزمات، ما يؤدي إلى اتخاذ قرارات غير مدروسة مثل بيع الأسهم بخسارة نتيجة للذعر.
أمر آخر يفتقده الأفراد، وهو احتمالية عدم امتلاكهم مستوى الخبرة نفسه أو فرص الوصول إلى المعلومات التي تمتلكها صناديق الاستثمار، ما يجعلهم أقل قدرة على التعامل مع التقلبات السوقية.
وبالتالي فأن الخسائر النسبية لصناديق الاستثمار قد تكون أقل بسبب التنويع والإدارة المحترفة، ومع ذلك، يمكن أن تكون الخسائر المالية الإجمالية كبيرة بسبب حجم الأصول التي يديرونها.
أما الأفراد فقد يتكبدون خسائر كبيرة مقارنة بنسبة أصولهم الإجمالية، خاصة إذا لم يكونوا متنوعين أو إذا اتخذوا قرارات استثمارية سيئة.
مواطن قوة استثمار الأفراد
يمتلك الأفراد ميزة إضافية في أوقات الأزمات، وهو تحكّمهم في توقيت بيع أسهمهم دون ضغوط من قبل المستثمرين مثلما يحدث في الصناديق.
ميزة أخرى لدى الأفراد، إذا يمكن للأشخاص الذين لديهم محافظ صغيرة نسبياً القيام بخروج آمن من الأسهم في وقت الأزمات إذا اتخذوا قرار البيع في الوقت المناسب.
أما بالنسبة لصناديق الاستثمار فالأمر لا يكون بهذه السهولة فهي تمتلك محافظ ضخمة يصعب التخلص منها بشكل مفاجئ.
كما أن صناديق الاستثمار بشكل عام تفرض رسوماً ونفقات، بما في ذلك رسوم إدارية ورسوم على المبيعات، ما قد يؤدي إلى تآكل العائدات الإجمالية بمرور الوقت.
وفي حين أن التنويع هو ميزة رئيسية لصناديق الاستثمار المشتركة، فإن الإفراط في التنويع يمكن أن يقلل العائدات ويحد من إمكانية تحقيق مكاسب كبيرة، خاصة في القطاعات أو الأسهم عالية الأداء.
كما أن استثمارات صناديق الاستثمار المشتركة قد تخضع لبعض الضرائب مثل ضريبة أرباح رأس المال وضريبة توزيع الأرباح وغيرها، وذلك اعتماداً على نوع الصندوق وفترة احتفاظ المستثمر، ما قد يؤدي إلى تقليل العائدات الإجمالية.
ويساعد فهم هذه الإيجابيات والسلبيات المستثمرون على اتخاذ قرارات أفضل حول ما إذا كانت صناديق الاستثمار الخيار الأمثل لأهدافهم الاستثمارية، وإذا ما كانت الأفضل في تحمل المخاطر.
نموذج لصناديق الاستثمار
دراسة “مورنينج ستار” حول كيفية أداء صناديق الأسهم البريطانية في وقت الأزمات قد توفر بعض التوضيح لكيفية تحرك صناديق الاستثمار في مثل هذه الأوقات.
وبحثت الدراسة كم من الوقت استغرقته الصناديق البريطانية التي شملتها الدراسة للتعافي من أسوأ انخفاضاتها وفقاً لمقياس يسمى “الانخفاض الأقصى”، خلال الفترة الممتدة من يناير 2001 حتى فبراير 2020.
وكان تاريخ “الانخفاض الأقصى” لمؤشر “فوتسي” الرئيسي في بورصة لندن خلال تلك الفترة، في نوفمبر 2007 -جراء الأزمة المالية التي شهدها العالم في 2007و2008- حيث انخفض بنسبة 41.09%.
ووفقاً للبيانات، فإن ستة من بين 9 صناديق استثمارية بسوق الأسهم البريطانية شملتها الدراسة، قد انخفضت بنسبة أقل من 41% خلال تلك الأزمة.
وتشير الدراسة إلى أنه بينما استغرق مؤشر “فوتسي” الرئيسي 24 شهراً لتعويض خسائر الأزمة المالية، تمكنت الصناديق النشطة من التعافي بسرعة أكبر بكثير.
فعلى سبيل المثال استغرق صندوقا “شرودير انكام” و”إماند جي” 13 شهراً فقط لتعويض خسائرهما.
ولكن بالطبع كان هناك استثناءات فليست كل الصناديق التي شملتها الدراسة كان أداؤها مبهراً مقارنة بأداء المؤشر “فوتسي”.
فصندوق “أرتيميس يوكيه” سجل انخفاضاً أكبر من المؤشر، واحتاج 47 شهراً للعودة إلى ذروته، على سبيل المثال.
كيف تستثمر خلال فترات انخفاض السوق؟
ولكن إذا اتخذت قراراً بالاستثمار المباشر في سوق الأسهم فسيكون عليك اتباع بعض النصائح خلال فترات انخفاض أسواق الأسهم.
ومن بين تلك النصائح، الاستثمار في الأسهم عالية الجودة المتاحة بأسعار جيدة.
ولاختيار أفضل الأسهم عالية الجودة خلال فترة الأزمة، عليك مراعاة بعض المعايير، من بينها الاستثمار في الشركات التي تقدم السلع والخدمات الأساسية.
وذلك لأن القطاعات التي تتعامل مع السلع الأساسية ومنتجات الاحتياجات اليومية مثل الحليب والأدوية وما إلى ذلك، تميل إلى تحقيق أداء أفضل خلال فترات الأزمة.
وفي حالة المنتجات أو الخدمات الأخرى، قد تتاح للأفراد الفرصة لتأجيل المشتريات، ولكن هذا ليس هو الحال عندما يتعلق الأمر بالسلع الأساسية أو الاحتياجات اليومية.
كما يجب عليك تجنب الشركات التي تعمل في قطاعات الاستهلاك الترفي مثل المجوهرات والسيارات والضيافة والترفيه.
خلال أوقات الأزمة، قد تكون أسهم هذه الشركات متاحة سعر أكثر جاذبية، ولكن مثل هذه الشركات تستغرق وقتاً أطول للتعافي والازدهار بعد الأزمة.
في نهاية المطاف إذا كان لديك محفظة متنوعة جيداً وأعدت توازن استثماراتك بشكل دوري، فلن تحتاج إلى القلق بشأن الصعود والهبوط في أسواق الأسهم على المدى القصير.