– في العام الماضي، نظم أحد أندية الدوري الإنجليزي الممتاز ورشة عمل لكشافيه، تضمنت تمرينًا مبتكرًا لتقييم المهارات، بدأ التمرين بمهمة بسيطة: تقدير سعر كوب كبير من قهوة لاتيه في ستاربكس.
– ومن ثمَّ، تطورت المهمة لتشمل تقدير أسعار منتجات أخرى، مثل أحد المشروبات في مقهى محلي، وصولاً إلى تقدير قيمة منزل مكوّن من أربع غرف نوم في إحدى ضواحي الشمال الغربي.
– في أعقاب إحدى المباريات، دار نقاش حول تقييم اللاعبين، ولعل أحد أبرز النقاط التي حظيت باهتمام كبير هو تقدير قيمة كيليان مبابي، حيث تفاوتت الآراء حول هذا الشأن بشكل ملحوظ، ما بين من يرى أنها مرتفعة جداً ومن يرى أنها منخفضة جداً.
– في واقع الأمر، يُعد تحديد القيمة السوقية للاعب كرة القدم عملية معقدة تتطلب دراسة العديد من العوامل، وتشغل بال الأندية والوكلاء على حد سواء.
– من خلال حواراتنا مع الخبراء، نستكشف الآليات التي تستخدم لتحديد هذه القيمة، وكيف يمكن تطويرها لتحقيق نتائج أكثر دقة.
– على الرغم من التطور التكنولوجي الهائل، لا يزال تحديد القيمة السوقية للاعب كرة القدم يعتمد بشكل كبير على العامل البشري.
– فحتى موقع ترانسفير ماركت (Transfermarkt)، الذي يستخدم أحدث التقنيات في جمع وتحليل البيانات، يعتمد في النهاية على رأي الخبراء والموظفين الذين يقيمون المعلومات المتاحة ويستخلصون منها قيمة سوقية تقديرية.
– وهذا يدل على أن تحديد قيمة لاعب كرة القدم هو عملية معقدة تتجاوز الأرقام والإحصائيات، وتشمل عوامل أخرى مثل الشهرة، والأداء في المباريات الكبيرة، والإمكانات المستقبلية.
– يسود الاعتقاد أنه من غير الممكن تطبيق خوارزمية شاملة على هذه الحالة، نظرًا لوجود العديد من المتغيرات التي يجب مراعاتها، لنأخذ صفقة انتقال كريس وود إلى نيوكاسل كمثال.
– في تقديرنا، لا تستحق قيمة وود السوقية 25 مليون جنيه إسترليني، إلا أن هذا هو المبلغ الذي تم دفعه بالفعل.
– ربما كان لدى نيوكاسل أسبابه الخاصة لدفع هذا المبلغ الضخم، سواء كان مرتبطًا بآلية الصفقة أو برغبة في إضعاف منافس مباشر مثل بيرنلي.
– ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هو: هل سيدفع نادي بحجم بايرن ميونيخ نفس المبلغ للاعب ذاته؟ الجواب على الأرجح سيكون بالنفي.
كريس وود، نيوكاسل
– أنفق نادي نيوكاسل مبلغًا قدره 25 مليون جنيه إسترليني لضم اللاعب وود إلى صفوفه، تشهد سوق انتقالات اللاعبين في الدوري الإنجليزي الممتاز في بعض الأحيان صفقات مبالغاً فيها، حيث تدفع الأندية مبالغ طائلة تتجاوز القيمة السوقية الحقيقية للاعب بشكل كبير.
– تُروى قصة طريفة عن الراحل جيم سميث، مدير نادي ديربي كاونتي في ذلك الوقت، فقد تلقى سميث اتصالًا هاتفيًا من مسؤول في نادي بلاكبيرن روفرز يستفسر عن إمكانية بيع اللاعب كريستيان دايلي.
– بعد التشاور مع مجلس إدارة النادي، عاد سميث إلى الاتصال مجددًا، مُصرًا على عدم التفريط باللاعب بأقل من مبلغ قدره مليونان ونصف المليون جنيه إسترليني.
– لكن المفاجأة كانت في رد مسؤول بلاكبيرن، الذي عرض عليه مبلغ خمسة ملايين وثلاثمائة وخمسة آلاف جنيه إسترليني، ولم يتردد سميث في قبول العرض المذهل، وتمت الصفقة على الفور.
– تُعد مساعي نادي نيوكاسل المستمرة لتعزيز خط دفاعه، بعد استحواذ مجموعة استثمارية سعودية عليه، مثالاً واضحاً على هذا الاتجاه.
– في النهاية، أسفرت المفاوضات عن دفع مانشستر يونايتد مبلغًا إجماليًا قدره 25 مليون جنيه إسترليني، بالإضافة إلى حوافز مالية مشروطة، لضم اللاعب رونالدو.
– لعل أبسط الطرق التي تتبعها الأندية لتقييم لاعب ما هي المقارنة المباشرة، عندما أبدى كل من مانشستر يونايتد ومانشستر سيتي اهتمامًا بالتعاقد مع هاري ماجواير في صيف 2019، استغل نادي ليستر سيتي الصفقة القياسية التي أبرمها ليفربول مع ساوثامبتون لضم فيرجيل فان ديك مقابل 75 مليون جنيه إسترليني قبل عام ونصف.
– اعتبر ليستر هذا المبلغ معيارًا أساسيًا، رافضًا التفريط في لاعبه بأقل من ذلك، وفي النهاية، نجح مانشستر يونايتد في ضم ماجواير مقابل 80 مليون جنيه إسترليني، متجاوزًا بذلك الرقم القياسي الدفاعي في الدوري الإنجليزي الممتاز.
إذن كيف تعمل طريقة ترانسفير ماركت في تقييم اللاعبين؟
– تسعى الأندية جاهدة لجمع أكبر قدر ممكن من الآراء والمعلومات من خلال منصة ترانسفير ماركت، بهدف التوصل إلى قيمة سوقية دقيقة وعادلة تعكس قدرات اللاعب وإمكاناته، علاوة على ذلك، تقوم بمقارنة هذه القيمة بأسعار لاعبين آخرين مشابهين.
– بالنسبة للاعبين الآخرين في الأندية المختلفة، يعتمد الموقع بشكل أساسي على ما يُعرف بـ”حكمة الجماهير” في تحديد قيمهم السوقية.
– قد لا يكون هذا منهجًا علميًا بحتًا، إلا أنه عامل مؤثر للغاية، يشير القائمون على الموقع إلى تلقيهم العديد من الشكاوى من وكلاء اللاعبين والأندية واللاعبين أنفسهم، والتي قد تكون مبررة في بعض الأحيان.
– وفي حالات أخرى، قد يتساءل البعض عن الدوافع الحقيقية وراء هذه الاعتراضات، وهنا يؤكد أحد الخبراء على ضرورة الحفاظ على حيادية الموقع، مشيرًا إلى أن قيم السوق التي نحدّثها بانتظام لا تخضع لأي تأثير خارجي.
– وبالمثل، يؤكد الخبراء على أن عامل العمر بات يلعب دورًا حاسمًا في تقييم اللاعبين، ويشير إلى أن نجوم مثل كريستيانو رونالدو وليونيل ميسي، رغم براعتهم، شهدا انخفاضًا في قيمتهم السوقية ببساطة بسبب تقدمهم في العمر، فحتى لو حافظ على نفس المستوى الفني، فإن الزمن لا يرحم أي لاعب مهما بلغ من الشهرة.
