عبد اللطيف الجواهري: رغم كبر السن، لا يزال الرجل رقم واحد في السياسة النقدية للمغرب
رغم تقدمه في العمر وتجاوزه سن الثمانين، لا يزال عبد اللطيف الجواهري، محافظ بنك المغرب، يحتفظ بمكانته البارزة كأحد أهم الشخصيات في السياسة النقدية بالمغرب. يشغل الجواهري هذا المنصب منذ عام 2003، وقد أثبت خلال فترة ولايته الطويلة قدرته على توجيه الاقتصاد المغربي نحو الاستقرار والنمو.
ولد عبد اللطيف الجواهري في عام 1939 بمدينة فاس. بدأ مسيرته المهنية في القطاع المالي بالمغرب عام 1962، حيث تقلد عدة مناصب مسؤولة ببنك المغرب حتى عام 1978. خلال هذه الفترة، اكتسب خبرة واسعة في المجال المصرفي والإدارة المالية، مما مهد الطريق لمسيرته اللاحقة في الحكومة والمجال المالي.
في عام 1978، عُين الجواهري وزيراً منتدباً لدى الوزير الأول مكلفاً بإصلاح المؤسسات العمومية، حيث عمل على تعزيز كفاءة وشفافية هذه المؤسسات. وفي الفترة من 1981 إلى 1986، تولى منصب وزير المالية في حكومة بوعبيد الثانية وحكومة العمراني الرابعة/العراقي، حيث أشرف على سياسات مالية هامة في مرحلة اقتصادية حساسة.
من بين مناصبه البارزة الأخرى، شغل الجواهري منصب رئيس مدير عام للبنك المغربي للتجارة الخارجية ورئيس المجموعة المهنية لبنوك المغرب من عام 1986 إلى 1995. في هذه الفترة، قاد مبادرات لتعزيز القطاع المصرفي المغربي وجعله أكثر تنافسية وكفاءة.
كما شغل منصب رئيس مدير عام للصندوق المهني المغربي للتقاعد من 2002 إلى 2003، حيث ساهم في إدارة وتطوير نظم التقاعد بالمغرب. بالإضافة إلى ذلك، كان عضواً في اللجنة الاستشارية للجهوية، التي ساهمت في صياغة وتطوير السياسات المتعلقة باللامركزية والجهوية المتقدمة في المغرب.
خلال فترة عمله كمحافظ لبنك المغرب، نفذ الجواهري إصلاحات مالية مهمة شملت تحديث نظام الدفع الوطني، وتعزيز الرقابة المصرفية، وتحسين إدارة الاحتياطيات الأجنبية. كما عمل على تعزيز استقلالية البنك المركزي، مما ساعد على تعزيز الثقة في الاقتصاد الوطني وجذب الاستثمارات الأجنبية.
أحد أبرز إنجازات الجواهري هو قيادته لجهود الحد من التضخم وضمان استقرار الأسعار، وهي مهمة أساسية في ظل الظروف الاقتصادية العالمية المتقلبة. كما أسهم في تعزيز الشمول المالي، مما أتاح لعدد أكبر من المغاربة الوصول إلى الخدمات المصرفية.
بالإضافة إلى ذلك، يحظى الجواهري بتقدير كبير في الأوساط المالية الدولية، حيث تم تكريمه من قبل العديد من المؤسسات المالية العالمية وحصل على جوائز عديدة، منها جائزة “أفضل محافظ بنك مركزي في العالم” من قبل مجلة “ذا بانكر” في عدة مناسبات.
في ضوء هذا التاريخ الحافل، يبقى السؤال حول خليفة محتمل للجواهري موضوعاً مهماً. يتساءل المحللون والمراقبون عما إذا كانت هناك خطة واضحة لانتقال القيادة في بنك المغرب، خاصة مع استمرار الجواهري في العمل بنشاط رغم تقدمه في السن. ومع ذلك، فإن خبرته العميقة وفهمه الشامل للتحديات الاقتصادية يجعلان من الصعب تصور قيادة السياسة النقدية في المغرب بدونه في المستقبل القريب.
هذا الاهتمام بخلافة الجواهري يعكس أهمية الدور الذي يلعبه محافظ بنك المغرب في تحديد مسار الاقتصاد المغربي وتوجيه السياسات النقدية التي تؤثر على حياة الملايين. ومع استمرار التحديات الاقتصادية العالمية والمحلية، يبقى الجواهري شخصية لا غنى عنها في الحفاظ على الاستقرار المالي والاقتصادي في المغرب.