الشعر الأبيض يغزو العالم .. كيف يتراجع سكان الكوكب بعد تواصل الزيادة؟
أظهر تقرير أممي جديد أنه من المتوقع أن يبلغ عدد سكان العالم ذروته في منتصف ثمانينيات القرن الـ21، قبل أن يتراجع بحلول عام 2100.
تراجع عدد السكان بنهاية القرن قد يكون مخرجاً للمشاكل التي يشهدها كوكب الأرض، إلا أن التقرير ذكر أيضاً نقطة قد تمثل مشكلة في المستقبل وهي أن أعداد المسنين ستتجاوز أعداد الأطفال في غضون خمسة عقود.
تراجع التقديرات
وذكر التقرير أنه على مدى الستين عاماً القادمة سينمو عدد السكان من 8.2 مليار نسمة في عام 2024 إلى نحو 10.3 مليار في منتصف ثمانينيات القرن الحالي، ثم يتراجع إلى نحو 10.2 مليار بحلول نهاية القرن.
وكانت تقديرات الأمم المتحدة السابقة تشير إلى أن عدد سكان العالم سيصلون إلى 10.4 مليار نسمة في عام 2100.
واستغرق وصول عدد سكان العالم إلى مليار نسمة مئات آلاف السنين، لكنه زاد سبعة أضعاف في خلال مائتي سنة فقط.
ففي عام 2011، وصل عدد سكان العالم إلى سبعة مليارات نسمة، ليقفز ذلك العدد إلى 7.9 مليار نسمة في عام 2021، ومن المتوقع أن يصل إلى زهاء ثمانية ونصف مليار نسمة في عام 2030، كما يُتوقع أن يزيد على 9.7 مليار نسمة مع حلول عام 2050.
أسباب تراجع الذروة
أرجع تقرير الأمم المتحدة سبب تراجع الذروة السكانية إلى عدة عوامل، بما في ذلك انخفاض مستويات الخصوبة في بعض أكبر دول العالم، وخاصة الصين.
وأشار إلى أن المتوسط العالمي لعدد المواليد الأحياء لدى النساء، تراجع عما كان عليه الحال في عام 1990.
التعداد السكاني لأكبر 5 دول من حيث عدد السكان |
||||||
البلد |
|
2024 العدد (مليون نسمة) |
|
2054 العدد (مليون نسمة) |
|
2100 العدد (مليون نسمة) |
الهند |
|
1451 |
|
1692 |
|
1505 |
الصين |
|
1419 |
|
1215 |
|
633 |
أمريكا |
|
345 |
|
384 |
|
421 |
إندونيسيا |
|
283 |
|
322 |
|
296 |
باكستان |
|
251 |
|
389 |
|
511 |
وذكر أنه في أكثر من نصف البلدان، يقل متوسط عدد المواليد الأحياء لكل امرأة عن 2.1 مولود، وهو المستوى المطلوب لكي يحافظ السكان على معدل نمو ثابت.
وأوضح التقرير أن ما يقرب من خُمس جميع البلدان، بما في ذلك الصين وإيطاليا وكوريا الجنوبية وإسبانيا، يعاني الآن خصوبة “منخفضة للغاية”، مع نسبة أقل من 1.4 مولود حي لكل امرأة على مدى حياتها.
واعتباراً من عام 2024، بلغ حجم السكان ذروته في 63 دولة، بما في ذلك الصين وألمانيا واليابان وروسيا، ومن المتوقع أن ينخفض إجمالي عدد سكان هذه المجموعة بنسبة 14% على مدى الثلاثين عاماً القادمة.
وبالنسبة لـ 48 دولة أخرى، بما في ذلك البرازيل وتركيا وفيتنام، فمن المتوقع أن يصل عدد السكان إلى ذروته بين عامي 2025 و2054.
وفي البلدان الـ 126 المتبقية، بما في ذلك الهند وإندونيسيا ونيجيريا وباكستان والولايات المتحدة، من المتوقع أن يزداد عدد السكان حتى عام 2054، ومن المحتمل أن يصل إلى ذروته في النصف الثاني من القرن أو بعد ذلك.
الشعر الأبيض أكثر انتشارا
وعلى مدى العقود الثلاثة الماضية، انخفضت معدلات الوفيات وزاد متوسط العمر المتوقع بشكل ملحوظ.
وبعد انخفاض قصير خلال جائحة كوفيد-19، يرتفع متوسط العمر المتوقع العالمي ليصل إلى 73.3 سنة في عام 2024 من 70.9 سنة أثناء الجائحة.
وبحلول أواخر خمسينيات القرن الحالي، سيحدث أكثر من نصف إجمالي الوفيات في العالم عند سن 80 عاماً أو أكثر، وهي زيادة كبيرة مقارنة بـ17% في عام 1995.
وبحلول أواخر سبعينيات القرن الحادي والعشرين، من المتوقع أن يتجاوز عدد الأشخاص الذين تبلغ أعمارهم 65 عاماً أو أكثر عدد الأطفال الأقل من 18 عاماً، في حين من المتوقع أن يكون عدد الأشخاص الذين تبلغ أعمارهم 80 عاماً أو أكثر أكبر من عدد الرضع بحلول منتصف ثلاثينيات القرن الحادي والعشرين.
وحتى في البلدان التي لا تزال تنمو بسرعة والتي تضم سكاناً معظمه من الشباب، من المتوقع أن يرتفع عدد الأشخاص الذين تبلغ أعمارهم 65 عاماً أو أكثر على مدى السنوات الثلاثين المقبلة.
يوم الـ8 مليارات
وفي يوم 15 نوفمبر 2022، بلغ عدد سكان العالم 8 مليارات شخص، ما يعتبر معلماً بارزاً في تاريخ التنمية البشرية.
وفي حين استغرق نمو سكان العالم 12 عاماً لينتقل من 7 إلى 8 مليارات نسمة، فإنه من المتوقع أن يستغرق ما يقرب من 15 عاما -حتى عام 2037- ليبلغ عدد 9 مليارات نسمة، ما يدل على أن معدل النمو الإجمالي لسكان العالم في تباطؤ.
ومع ذلك، لا تزال مستويات الخصوبة مرتفعة في بعض البلدان، وعلى رأسها البلدان ذات الدخل الفردي الأدنى.
وصار النمو السكاني العالمي متمركزاً بشكل متزايد في البلدان الأكثر فقراً، معظمها في إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى.
التأثير الاقتصادي
تراجع أعداد السكان في المستقبل، وزيادة أعمار سكان الكوكب قد يكون له تأثير سلبي على الاقتصاد العالمي.
ففي العقود الأخيرة، التوقعات السائدة هي أن الحياة المهنية تمتد بين 30 إلى 40 عاماً، مع تقاعد الأشخاص في الستينيات من عمرهم، لكن هذا المفهوم لم يعد صحيحاً في وقتنا الحالي.
وأصبحت أعمار القوى العاملة متغيرة، ففي الاتحاد الأوروبي، ارتفعت المدة المتوقعة لحياة العمل بمقدار 4.1 سنة بين عامي 2002 و2022، ومن المرجح أن يستمر هذا الاتجاه.
ويرجع ذلك إلى أن السكان في معظم الاقتصادات الكبرى يتقدمون في السن، فيما تنخفض معدلات المواليد.
وتتوقع منظمة الصحة العالمية أن نسبة سكان العالم الذين تزيد أعمارهم على 60 عاماً سوف تتضاعف تقريباً من 12 إلى 22% بحلول عام 2050.
وفي الولايات المتحدة على سبيل المثال، من المتوقع أن يظل 25% من الرجال و17% من النساء فوق سن 65 عاماً في سوق العمل بحلول عام 2032، وفي العقود المقبلة، سوف نشهد أعداداً أكبر من الأجيال في مكان العمل في وقت واحد.
ارتفاع سن التقاعد ليست المشكلة الوحيدة، فتقلص أعداد سكان العالم يعني تناقص أعداد المستهلكين وأعداد الأيدي العاملة مستقبلاً.
فالصين التي تعتبر ثاني أكبر اقتصاد في العالم بعد الولايات المتحدة، جزء كبير من نجاحها الاقتصادي يعتمد على إدراكها لإمكانياتها في الموارد البشرية.
وتمكنت من تحويل عدد السكان الضخم إلى قوى عاملة منتجة واستطاعت الاستفادة من رخص هذه الأيدي كميزة تنافسية لها في الأسواق الخارجية.
الهند التي تشكل مع الصين أكثر من ثلث سكان العالم، تسعى أيضاً لاستغلال مواردها البشرية لتكون ثالث أكبر اقتصاد في العالم بحلول 2027.
وبالتالي فإن تراجع أعداد السكان قد يمثل خسارة اقتصادية لبعض الدول خاصة تلك التي تعتمد على الصناعات ذات العمالة الكثيفة.