محاولة اغتيال ترامب .. هل هي حقيقية أم مجرد دعاية انتخابية؟
أثار حادث إطلاق النار في تجمع انتخابي للرئيس الأمريكي السابق “دونالد ترامب” في ولاية بنسلفانيا أمس السبت، التكهنات بشأن الدافع وراء هذه المحاولة.
وأسفر الحادث عن إصابة “ترامب” بطلق ناري في أذنه اليمنى ومقتل أحد الحضور بالإضافة إلى مطلق النار.
وأعلنت مصادر رسمية أن شخصين آخرين من الحضور أصيبا في إطلاق النار في التجمع، في حين قال مكتب التحقيقات الاتحادي”إف بي آي”، إن التحقيق يجري في الواقعة باعتبارها محاولة اغتيال.
وقال “ترامب” (78 عاما) عبر مواقع التواصل الاجتماعي، إنه أصيب بطلق ناري في الجزء العلوي من أذنه اليمنى وإنه نزف كثيرًا. وأعلنت حملته الانتخابية أنه بخير، وخرج من المستشفى في وقت متأخر من أمس السبت.
تكهنات بشأن محاولة الاغتيال
ومع نجاة الرئيس الأمريكي السابق من هذا الحادث شكك البعض في وسائل التواصل الاجتماعي من كونه محاولة للاغتيال.
وجاء التشكيك مع ظهور الرئيس الأمريكي السابق “دونالد ترامب” وهو ينزل سلم طائرته بعد هبوطها في ولاية نيوجيرسي في وقت مبكر من صباح اليوم الأحد، وفقا لمقطع مصور نشرته حملته الانتخابية على منصة إكس للتواصل الاجتماعي.
لكن صور وجه “ترامب” ملطخ بالدماء عقب الحادث ووجود وفيات إثر عملية إطلاق النار تظهر أن الأمر ليس مجرد رواية مزعومة.
وذكر مكتب التحقيقات الاتحادي الأمريكي في بيان اليوم، أنه حدد هوية الشخص المتورط في محاولة اغتيال الرئيس السابق “دونالد ترامب” ويدعى “توماس ماثيو كروكس” ويبلغ من العمر 20 عاماً.
ولكن مع مقتل المنفذ، على حد زعم مكتب التحقيقات، فإن العديد من الأسرار التي تقف من وراء محاولة الاغتيال قد تكون اختفت للأبد.
وأثار اغتيال الرئيس الأمريكي “جون كينيدي” في 22 نوفمبر عام 1963، وما تلاه من مقتل “هارفي أوزوالد”، عنصر البحرية السابق الذي أقام في الاتحاد السوفيتي، العديد من نظريات المؤامرة.
وزعمت هذه النظريات تورط وكالة المخابرات المركزية الأمريكية، والمافيا، ونائب الرئيس “ليندون جونسون”، و”فيدل كاسترو”، رئيس الوزراء كوبا وقتها قبل أن يعتلي كرسي رئاسة الدولة اللاتينية، وغيرها من المؤسسات.
وقدر المدعي العام السابق في لوس أنجلوس “فنسنت بوجليوسي” أن هناك 42 مجموعة و82 قاتلًا و214 شخصًا قد اتُهموا في سيناريوهات مؤامرة مختلفة.
لكن في عام 1964، خلصت لجنة مسؤولة عن التحقيق في عملية الاغتيال إلى أن “أوزوالد” هو الشخص الوحيد المسؤول عن اغتيال “كينيدي”، وتصرف بمفرده.
وفي عام 1998، اكتشف مجلس مراجعة سجلات الاغتيالات وجود تناقضات في التحقيقات السابقة، وادعى كبير محللي السجلات العسكرية في المجلس حينها احتمالية أن صور الدماغ في سجلات “كينيدي” لم تكن خاصة به.
ورغم مرور سنوات طوال على اغتيال “كينيدي”، لكن يبدو أن هناك عدة أسرار متعلقة بالحدث لم تظهر بعد.
مخاوف من تصاعد العنف
من جانبه دعا الرئيس الأمريكي “جو بايدن” إلى إنهاء العنف السياسي بعد أن أصيب منافسه “ترامب” في الأذن اليمنى جراء إطلاق النار عليه.
كما قررت حملة “بايدن” تعليق جميع أشكال التواصل السياسي بما في ذلك الإعلانات التي تهاجم “ترامب”.
وقال “بايدن” إنه لا مكان في أمريكا لهذا النوع من العنف، وأضاف أنه أمر مقزز.
وعندما سُئل عما إذا كان يعتقد أن إطلاق النار كان محاولة اغتيال، أجاب “بايدن” بأنه لديه رأي، لكن ليس لديه كل الحقائق.
وتحدث “بايدن” لاحقا إلى “ترامب” البالغ من العمر 78 عاما عبر الهاتف، حسبما قال البيت الأبيض، لكنه لم يوضح تفاصيل المكالمة.
وقال مسؤول في حملة “بايدن”، رفض الكشف عن اسمه بسبب حساسية الأمر، إن الفريق “يعمل على سحب إعلاناتنا التلفزيونية في أسرع وقت ممكن”، رداً على خطورة اللحظة. ولم يقدم المسؤول مزيدًا من التفاصيل.
وأظهر استطلاع للرأي أجرته رويترز/إبسوس في مايو أن الأمريكيين يخشون تصاعد العنف السياسي، إذ قال اثنان من كل ثلاثة مشاركين في الاستطلاع إنهم يخشون من احتمال حدوث أعمال عنف بعد الانتخابات المزمعة في نوفمبر.
حادث الكابيتول
وأعاد حادث “ترامب” للأذهان العنف الذي شهدته الولايات المتحدة في أعقاب إعلان نتائج الانتخابات الرئاسية السابقة حينما هاجم أنصار ترامب مبنى الكابيتول.
وفي 6 يناير 2021، اقتحم مثيرو الشغب الذين يدعمون “ترامب” مبنى الكابيتول الأمريكي.
وأدى الاقتحام إلى عمليات إخلاء وإغلاق للمبنى، وعطل جلسة مشتركة للكونغرس لفرز الأصوات الانتخابية وإضفاء الطابع الرسمي على فوز جو بايدن حينها.
وتجمع المتظاهرون لدعم مزاعم “ترامب” بأن انتخابات 2020 قد “سُرقت” منه، والتي كانت جزءًا من جهوده المستمرة منذ أشهر لإلغاء هزيمته الانتخابية.
وقبل الاقتحام، اجتمع أنصار “ترامب” في واشنطن العاصمة للاحتجاج على نتائج الانتخابات الرئاسية لعام 2020، ودعم مطالبة “ترامب” لنائب الرئيس “مايك بنس” والكونغرس برفض فوز الرئيس المنتخب “جو بايدن”.
في البداية، تجمع المتظاهرون في مسيرة حيث استمع الحاضرون إلى خطابات من الرئيس السابق.
وقبل انتهاء الخطابات، سار حشد من المتظاهرين إلى الكونغرس واقتحموا المبنى حيث كان الكونغرس منعقدًا في ذلك الوقت.
وأُخلي العديد من مباني الكابيتول، واعتدى المتظاهرون على الأمن لدخول المبنى، وبحسب ما ورد كانت هناك مواجهة مسلحة عند أبواب غرف مجلس النواب، وأفادت التقارير بإطلاق النار على شخص واحد داخل مبنى الكابيتول.
وعلى مدار اليوم توفي نحو أربعة أشخاص كما عثر على ثلاث عبوات ناسفة، واحدة في مبنى الكابيتول، وواحدة في مكتب اللجنة الوطنية الجمهورية، وأخرى في مكتب اللجنة الوطنية الديمقراطية القريبة من مبنى الكابيتول.
وفي بداية الشهر الجاري أصدرت المحكمة العليا الأمريكية، قرارها بأن “دونالد ترامب” يحظى بـ “حصانة جزئية” من الملاحقة القضائية بصفته رئيساً سابقاً.
وكان الحكم الصادر بمثابة ضربة قوية للقضية الجنائية الفيدرالية المرفوعة ضد “ترامب”، والتي تتهمه بمحاولة قلب نتائج الانتخابات الرئاسية 2020.
واعتبر قرار المحكمة أن محاولات “ترامب” للضغط على نائبه”مايك بنس” لعدم التصديق على فوز “جو بايدن” في الانتخابات – وهو جزء أساسي من قضية المدعي الخاص “جاك سميث” – هي نوع من الإجراءات الرسمية الخاضعة لمعايير أعلى من المراجعة القانونية.
حوادث اغتيال رؤساء الولايات المتحدة
تعرض عدد من رؤساء الولايات المتحدة الـ46 لمحاولات اغتيال كانت جميعها عبر عمليات إطلاق نار في تجمعات عامة، نجحت 4 محاولات منها.
وكانت آخر تلك المحاولات إطلاق النار على الرئيس الأمريكي السابق والمرشح للرئاسة “دونالد ترامب”.
وكان “أبراهام لينكولن” أول رئيس يتم اغتياله، عندما أطلق “جون ويلكس بوث” النار عليه في 14 أبريل 1865، بينما كان هو وزوجته يحضران عرضًا في مسرح فورد في واشنطن.
وفي صباح اليوم التالي لإطلاق النار عليه توفي متأثراً بإصابته.
وكان “جيمس جارفيلد” ثاني رئيس يلقى حتفه في حادث إطلاق نار أيضاً، فبعد 6 أشهر من توليه منصبه حينما كان يسير عبر محطة قطار في واشنطن لركوب قطار في 2 يوليو 1881، أطلق “تشارلز جيتو” النار عليه.
وظل الرئيس المصاب بجروح قاتلة متأثراً بإصابته في البيت الأبيض لعدة أسابيع، لكنه توفي في سبتمبر من نفس العام.
“ويليام ماكينلي” الرئيس الخامس والعشرون تعرض أيضًا لحادث إطلاق نار بعد إلقائه خطاباً في 6 سبتمبر 1901، واستقرت رصاصتان في صدره، وتوقع الأطباء أن يتعافى لكن الغرغرينا أدت لوفاته في 14 سبتمبر 1901، أي بعد 6 أشهر من بدء ولايته الثانية.
كما قتل الرئيس “جون كينيدي” أثناء زيارته لدالاس في نوفمبر 1963 بعد إطلاق النار عليه.
وسمع دوي إطلاق النار أثناء مرور موكب الرئيس عبر ديلي بلازا في وسط مدينة دالاس.
تم نقل كينيدي على عجل إلى مستشفى باركلاند التذكاري، وتوفي بعد فترة وجيزة.
محاولات لم تنجح
وبجانب مقتل 4 رؤساء للولايات المتحدة، كانت هناك محاولات لم يُكتب لها النجاح.
ففي عام 1981 تعرض الرئيس “رونالد ريجان” لإطلاق نار وأصيب بجروح خطرة لدى مغادرته فعالية في فندق هيلتون بواشنطن.
وأمضى “ريجان” 12 يوماً في المستشفى. وعززت الحادثة شعبيته مع إظهاره روح الفكاهة والصلابة خلال فترة تعافيه.
كما نجا الرئيس “جيرالد فورد”من محاولتي اغتيال منفصلتين نفذتهما امرأتان في سبتمبر 1975 في كاليفورنيا الفارق بينهما 17 يوماً.
وفي عام 1972، تعرض”جورج والاس”خلال نشاطات حملته للفوز بترشيح الحزب الديمقراطي له للانتخابات الرئاسية، إلى إطلاق نار في مركز تسوق أربع مرات وأصيب بشلل دائم.
وسلطت محاولة اغتيال “والاس” المعروف بآرائه العنصرية وشعبويته، الضوء على التوترات السياسية السائدة آنذاك في الولايات المتحدة واحتمالات تفجر أعمال عنف داخلية خلال حقبة حرب فيتنام.
وقُتل “روبرت” شقيق الرئيس “جون إف كينيدي” في1968، والذي كان يسعى للفوز بترشيح الحزب الديمقراطي له للانتخابات الرئاسية، في إطلاق نار في فندق أمباسادور في لوس أنجليس بولاية كاليفورنيا.
كان لمحاولة الاغتيال تداعيات كبيرة على سباق الانتخابات الرئاسية لعام 1968 وجاءت بعد مقتل رائد حقوق الإنسان “مارتن لوثر كينغ جونيور”، ما أدى إلى تفاقم الاضطرابات السياسة أواخر الستينيات.
كما نجا الرئيس المنتخب “فرانكلين دي روزفلت” من محاولة اغتيال في ميامي بولاية فلويدا في عام 1933. ولم يُصب بأذى لكن رئيس بلدية شيكاغو “أنتون سيرماك” قتل في الهجوم.
مثل “ترامب”، كان “تيدي روزفلت” مرشحا للبيت الأبيض ورئيسا سابقا عندما أطلق عليه النار في عام 1912 بولاية ويسكنسن.
والرصاصة التي بقيت في صدره طيلة حياته، اخترقت خطابا مطويا من 50 صفحة وعلبة فولاذية لحفظ النظارات كانت في جيبه، وقرر “روزفلت” مع ذلك إلقاء الخطاب.
بعد كل هذا .. هل تتأثر الأسواق؟
مع بدء تعاملات الأسبوع الجديد، يترقب المستثمرون غداً تحركات أسواق النفط والذهب في أعقاب الحادث.
وعادة ما تتأثر أسواق النفط والذهب بأي توترات تتعلق بالنواحي الأمنية في الولايات المتحدة، ويُنظر عادة إلى المعدن الأصفر بأنه ملاذ آمن في حال وقوع أي اضطرابات.
وتوقع تقرير لوكالة “بلومبرج” احتمالية توجه المستثمرين في البداية إلى أصول الملاذات الآمنة، قبل أن يقوموا بإعادة تقييم موقفهم.
كما أشار التقرير إلى أن الحادث قد يعزز فرص “ترامب” في الفوز بالانتخابات الرئاسية المقبلة، الأمر الذي قد يدفع المستثمرين للرهان على الأدوات الاستثمارية التي قد تشهد انتعاشاً في حال فوزه بالانتخابات، مثل العملات المشفرة على سبيل المثال.
ومن غير المتوقع أن يؤثر الحادث سلباً على تحركات البورصة الأمريكية خاصة مع نجاة “ترامب” من حادث إطلاق النار، وعدم وجود أي مظهر من مظاهر القلق عقب حدوثه “حتى الآن”.
وحقق سوق العملات المشفرة مكاسب واضحة خلال تعاملات اليوم الأحد، وقفز سعر بيتكوين بأكثر من 3%، ليتجاوز مستوى 60 ألف دولار.
وفي وقت سابق، نشر “ترامب” على منصة التواصل الاجتماعي “تروث سوشال”، أنه سيدعم عملة البيتكوين إذا فاز بالانتخابات الرئاسية المقبلة.