الصناعة المغربية: محرك النمو وخالق الثروة… والتحديات الطاقوية تُهدد المسار
في ظل الرهان الكبير على تكثيف الاستثمارات في القطاع الصناعي، ومع محاولات توسيع مساهمة العائدات الصناعية في الناتج الداخلي الخام، أبرزت دراسة حديثة أهمية الصناعات المغربية في خلق الثروة وتوفير فرص عمل ثابتة للشباب المغاربة.
ومع ذلك، أشارت الدراسة إلى التحدي الكبير الذي يواجه القطاع الطاقي والذي يعوق تحويل الاقتصاد إلى اقتصاد صناعي متكامل.
نُشرت الدراسة في مجلة تنمية الصناعة العربية، وخصص عدد شهر يونيو لتفكيك واقع الصناعة في المغرب.
دعت الدراسة الحكومة المغربية إلى تحويل هيكل الاستثمار من الاعتماد الكبير على الاستثمارات العامة إلى نموذج يهيمن فيه الاستثمار الخاص، مع التركيز على دعم الشركات الصغيرة والمتوسطة.
وأشارت الدراسة إلى أن المغرب يطمح، من خلال نموذجه التنموي الجديد، إلى لعب دور حاسم في تحقيق التنمية، معتمدًا على رؤية واضحة لعام 2035 تهدف إلى تحقيق ناتج داخلي يعادل 260 مليار دولار بحلول عام 2035.
وأكدت الدراسة على أن المغرب يعتمد بشكل متزايد على الصناعة في خلق الثروة وتوفير فرص عمل سنوية لحوالي 300 ألف باحث عن عمل.
وفي هذا السياق، وُصف قطاع صناعة السيارات بأنه أحد أهم القطاعات الصناعية في المغرب، مستفيدًا من الموقع الاستراتيجي للمملكة الذي يجذب الشركات العالمية لصناعة السيارات بسبب موقعها الجغرافي بين أوروبا وإفريقيا والشرق الأوسط.
وأشارت الدراسة إلى أن المغرب شهد جذب العديد من الاستثمارات الأجنبية في قطاع صناعة السيارات، مما ساهم في تنمية وتطوير القطاع.
وأكدت على أهمية التعاون مع الشركات العالمية الرائدة في هذا المجال مثل رينو وبيجو ستروين وفورد لتأسيس مصانع في المغرب.
وأوضحت أن تطوير صناعة السيارات يوفر فرص عمل للشباب ويرفع مستوى الصادرات المغربية، حيث تُصدّر معظم السيارات المنتجة في المغرب إلى أسواق عالمية مثل أوروبا وإفريقيا.
وفيما يتعلق بصناعة الطائرات، أشارت الدراسة إلى النمو الملحوظ في هذا القطاع واستقطاب الشركات العالمية للطيران مثل بوينغ وإيرباص لإنشاء مراكز صيانة وإصلاح الطائرات، مما يعزز الفرص الوظيفية للمهندسين والفنيين.
كما تناولت الدراسة قطاع الصناعات الغذائية، الذي يشمل تجهيز الأغذية والمشروبات وصناعة المواد الغذائية، مؤكدةً على دوره في توفير فرص عمل في مختلف مراحل الإنتاج. وحسب الدراسة، يعمل حوالي 2100 شركة في قطاع الصناعات الغذائية، موفرةً 161 ألف وظيفة وحققت رقم معاملات يبلغ 17 مليار دولار، منها 4 مليارات دولار في الصادرات.
لمواجهة التحديات الطاقية، شددت الدراسة على ضرورة تحقيق السيادة الطاقية من خلال استغلال مصادر الطاقة المتجددة والمتنوعة، مشيرةً إلى مشاريع تحلية مياه البحر التي يعتمد عليها المغرب بشكل متزايد. وركزت الدراسة على أهمية الطاقة الشمسية في مواجهة هذه التحديات، مشيدةً بمشروع “نور” الذي يعد أحد أكبر مشاريع الطاقة الشمسية في العالم.
وباستخدام مصادر الطاقة المتنوعة، يسعى المغرب إلى تحقيق السيادة الطاقية من خلال توفير 52% من مزيجه الكهربائي بحلول عام 2030، وتلبية احتياجاته المتزايدة من الطاقة بطريقة مستدامة وصديقة للبيئة.