غموض يحيط بإنتاج الغاز الطبيعي بالمغرب: هل تتحول الاكتشافات إلى حقيقة على أرض الواقع؟
شهدت الفترة الأخيرة إعلانات متتالية من عدة شركات مختصة في التنقيب عن الغاز في المغرب، عن اكتشافات كبيرة للغاز الطبيعي في مناطق مختلفة من البلاد.
آخر هذه الاكتشافات أعلنت عنها شركة “شاريوت” التي كشفت عن نتائج إيجابية تتعلق ببئر “أوبان-1” ضمن رخصة لوكوس البرية، حيث أكدت وجود خزانات غاز بسمك 200 متر، بما في ذلك 70 مترًا من الصخور ذات الأهمية الأولية.
رغم هذه الاكتشافات المهمة، يثار التساؤل حول أسباب تأخر إنتاج الغاز. في هذا السياق، يوضح الخبير الطاقي عبد الصمد ملاوي أن هناك عدة عوامل تساهم في هذا التأخير، رغم النتائج الإيجابية المعلنة من قبل الجهات الرسمية والشركات المعنية.
و يشير ملاوي إلى تشابه الخصائص الجغرافية لبعض مناطق المغرب مع مناطق أخرى غنية بالغاز، مما يعزز احتمالية وجود احتياطيات كبيرة. مثلاً، بئر تندرارة يُقدر بوجود 1.3 تريليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي.
ومع ذلك، فإن التضاريس المغربية تعقد عملية التنقيب مقارنة بدول أخرى، مما يجعل استخراج الغاز أكثر صعوبة ويتطلب وقتًا أطول، يتراوح بين 5 إلى 10 سنوات، حسب نوعية التضاريس.
أحد أهم التحديات التي تؤدي إلى تأخر الإنتاج هو التمويل. استخراج الغاز يتطلب استثمارات كبيرة، وجذب هذه الاستثمارات ليس بالأمر السهل.
بالإضافة إلى ذلك، هناك صعوبات في التسويق التجاري، خاصة إذا كانت الاكتشافات تتطلب تقنيات عالية وبنية تحتية متقدمة، مما يجعل العملية غير مربحة في بعض الحالات.
الحصول على التراخيص اللازمة والموافقات القانونية يعد عقبة أخرى. بعد الإعلان عن الاكتشافات، يجب الخضوع لعدة مراحل قانونية تشمل دراسة التأثيرات البيئية، بنية التضاريس، وملكية المشاريع، مما يطيل من مدة الحصول على التراخيص.
كما أن هناك حاجة للامتثال للاتفاقيات الدولية المتعلقة بالبيئة، مما يزيد من تعقيد العملية.
البنية التحتية اللازمة لاستخراج الغاز ومعالجته وتوزيعه تتطلب استثمارات ضخمة. يجب إنشاء معامل، طرق، مسالك، مراكز، والربط الكهربائي، بالإضافة إلى قنوات النقل ومحطات المعالجة والتعبئة. كل هذه العناصر تجعل العملية طويلة ومكلفة، وتؤخر بدء الإنتاج الفعلي.
عملية الاستخراج قد تؤثر على بعض المناطق الإحيائية أو السكانية، وكذلك على المناطق المحمية بقوانين بيئية خاصة. الاحترام الكامل للاتفاقيات الدولية البيئية يشكل تحديًا إضافيًا أمام الشركات.
رغم الاكتشافات الواعدة للغاز الطبيعي في المغرب، تواجه الشركات تحديات كبيرة تتعلق بالتمويل، التسويق، الإجراءات القانونية، والتأثيرات البيئية، إضافة إلى الحاجة لبنية تحتية متقدمة.
هذه العوامل مجتمعة تساهم في تأخر بدء إنتاج الغاز في المملكة، مما يتطلب استراتيجيات مدروسة وشاملة للتغلب على هذه التحديات وتسريع عملية الإنتاج.