بنك المغرب يُراهن على التكنولوجيا المالية لإنقاذ الاقتصاد المغربي من “نزيف الكاش”
شهد معرض “جيتكس إفريقيا” في مراكش نقاشات مكثفة حول التكنولوجيا المالية (fintech)، حيث شارك بنك المغرب تجربته في تحفيز الإدماج المالي عبر الرقمنة مع دول إفريقيا جنوب الصحراء، بما في ذلك موريتانيا وغينيا.
و تمحورت الجلسات حول تبادل الأفكار والخبرات واستعراض المشاريع المستقبلية لتحسين الوصول إلى الخدمات المالية.
أدار مومار بالدي، رئيس جمعية “سين ستارت آب” في السنغال، جلسة نقاش حضرها عبد الرحيم بوعزة، مدير عام بنك المغرب، وسعادو بالدي، نائبة محافظ البنك المركزي بغينيا، وسيدي محمد داكر، المستشار الخاص لمحافظ البنك المركزي الموريتاني.
و ناقشت الجلسة دور البنوك المركزية في استخدام التكنولوجيا المالية وتحفيز المواطنين على استخدام الخدمات المالية، إضافة إلى تعزيز بيئة أعمال تتيح للمقاولات الناشئة تقديم حلول مالية بتكلفة منخفضة.
و أجمع المشاركون على أهمية الإطار التشريعي في دعم جهود الإدماج المالي، مشددين على ضرورة التوازن بين المرونة القانونية ومكافحة الغش والاحتيال، خاصة في تنظيم المعاملات المالية الرقمية مثل التحويلات الفورية والدفع عبر الهواتف المحمولة.
وأشاروا إلى أن تداول النقد الورقي ما زال مرتفعاً في إفريقيا رغم الجهود الرامية إلى الرقمنة.
و خلال مداخلته، كشف عبد الرحيم بوعزة عن تغير سلوكيات الأداء لدى المغاربة، حيث نمت عمليات الأداء عبر القنوات الرقمية بمتوسط 13% سنوياً بين 2016 و2019، وتسارعت إلى 19% في السنوات الأخيرة.
كما انخفضت حصة الشيكات من معاملات الأداء من 40% إلى 6% لصالح التحويلات الفورية والبطاقات البنكية التي ارتفعت حصتها إلى 45% و34% على التوالي.
و أكد بوعزة أن معظم المغاربة ما زالوا يفضلون الدفع بالنقد، مع أن معدل استخدام الدفع عبر الهواتف المحمولة لا يتجاوز 10% والبطاقات البنكية في المعاملات الرقمية لم تتجاوز 30%.
و شدد على أن إمكانيات شركات التكنولوجيا المالية غير مستغلة بشكل كامل، مشيراً إلى شراكة بنك المغرب مع صندوق الإيداع والتدبير للاستثمار لدعم حاملي الحلول المالية.
و أشارت سعادو بالدي إلى أن الاحتيال الرقمي يمثل تحدياً كبيراً أمام تطوير التكنولوجيا المالية في إفريقيا، مما يستدعي تشريعات مدروسة لتنظيم المعاملات المالية الرقمية ومكافحة الاحتيال وتبييض الأموال. وأكد محمد داكر على أن البنوك المركزية تتوخى الحذر في ترخيص المنتجات المالية الجديدة لضمان الاستقرار المالي.
و شدد داكر على أن الرقمنة ستساعد موريتانيا على تعزيز الإدماج المالي، لا سيما مع توسيع شبكة الربط بالإنترنت، مما يسهم في تقديم الخدمات المالية عبر التطبيقات البنكية للهاتف المحمول.
وأكد أن التكنولوجيا المالية في إفريقيا تحتاج إلى شجاعة من الفاعلين في القطاع المالي لتقديم حلول مبتكرة وتعزيز الوعي بأهمية الرقمنة في تحسين المعاملات المالية.
و تعكس نقاشات “جيتكس إفريقيا” في مراكش أهمية التكنولوجيا المالية في تحقيق الإدماج المالي والتنمية المستدامة في إفريقيا.
ورغم التحديات، فإن التعاون بين البنوك المركزية والمقاولات الناشئة يمكن أن يؤدي إلى حلول مبتكرة تسهم في تعزيز الرقمنة وتقديم خدمات مالية ميسرة للمواطنين.