400 مليار درهم خارج النظام المصرفي…المغاربة يفضلون حفظ الأموال في المنازل عوض البنوك
في ظل تغيرات مفاجئة في عادات الإدخار والاستثمار، يواجه النظام المصرفي في المغرب تحديات جديدة. حيث تظهر بيانات حديثة أن ما يقارب 400 مليار درهم يتم حفظها خارج البنوك، وتستمر هذه الأموال في الدوران خارج النظام المصرفي، مما يثير القلق بشأن الثقة في المؤسسات المالية.
و تعتبر الثقة أحد أهم عوامل نجاح أي نظام مالي. ومع ذلك، يبدو أن المغاربة يفقدون تدريجياً الثقة في البنوك، حيث يفضلون الاحتفاظ بأموالهم في المنازل بدلاً من وضعها في البنوك.
و يعزى هذا التوجه إلى عوامل عدة، بما في ذلك عدم الثقة في استقرار النظام المالي، والتفضيل للوسائل التقليدية للتخزين والادخار.
هذا التوجه من قبل المواطنين ساهم في ارتفاع تداول الكاش بالبلاد خارج الإطار البنكي، بما حرم البنوك موارد مالية كبيرة، وأدى إلى انخفاض مهول في السيولة البنكية.
تؤثر هذه العادة الجديدة للمغاربة بشكل كبير على السيولة المصرفية، حيث يتراجع التداول المالي في البنوك ويزداد استخدام النقد خارج النظام المصرفي. وهذا يؤدي إلى تقليل السيولة المتاحة في البنوك، مما يصعب عليها تقديم الخدمات المالية وتلبية احتياجات العملاء وتمويل المشاريع.
و تواجه البنوك التحديات في محاولة تحسين الثقة بين العملاء واستعادة الأموال التي تم حفظها خارج النظام المصرفي. يتطلب هذا جهوداً كبيرة في تقديم خدمات مصرفية أفضل وزيادة الشفافية والتواصل مع العملاء لفهم احتياجاتهم ومخاوفهم.
وبلغة الأرقام، فإن عجز السيولة في البنوك تفاقم بوجه مخيف، ذلك أنه انتقل من 70مليار درهم إلى 100مليار درهم، متأثرا بتوجه المغاربة إلى حفظ أموالهم في منازلهم بدلا عن المؤسسات البنكية.
ومن هنا أصبحت البنوك مضطرة إلى الاستدانة من بنك المغرب لتغطية عجزها على تلبية حاجياتها، وتمويل الاقتصاد اعتمادا على ودائعها فقط، وهو ما ينذر بأزمة مالية قد تشل البلاد، وتفشل عددا من مشاريعها الكبرى.
و من المهم أن تتبنى البنوك استراتيجيات جديدة تتناسب مع التحول الرقمي، حيث يمكن أن تساعد التقنيات الحديثة في تحسين تجربة العملاء وتوفير خدمات مالية مبتكرة وآمنة.
تزيد الأموال المحتجزة خارج النظام المصرفي من مخاطر حدوث أزمة مالية، حيث يمكن أن تؤثر على السيولة الاقتصادية بشكل عام وتعرقل الاستثمارات والنمو الاقتصادي.
لا شك أن استعادة الثقة في المؤسسات المصرفية وتشجيع الناس على وضع أموالهم في البنوك يتطلب جهوداً مشتركة من الحكومة والبنوك والمجتمع بأسره. إذا تم التغلب على هذه التحديات بنجاح، يمكن أن تلعب البنوك دوراً مهماً في دعم النمو الاقتصادي وتعزيز الاستقرار المالي في المغرب .