كثر الحديث في الآونة الأخيرة عن قضايا وملفات تتعلق بالتشهير ونشر صور وانتهاك خصوصية مستخدمي شبكات التواصل الاجتماعي، خصوصا عند استعمال بعض التطبيقات بشكل خاطئ، وكمثال على ذلك ما بات يعرف بـ”تسريبات سناب شات”، بعد قرصنة فيديوهات وصور لعدد من النساء والفتيات والتشهير بهن. فما هي أبرز التهديدات التي تواجه مستخدمي هذه التطبيقات، وكيف يمكن الاحتياط منها؟
أكد الخبير في مجال الأمن المعلوماتي محمد شريف الجبلي، أن مستخدمي شبكات التواصل الاجتماعي يمكن أن يتعرضوا لتهديدات عديدة تتراوح بين اختراق حساباتهم وسرقة بياناتهم الشخصية، فضلا عن استخدام صورهم ومعلوماتهم في أغراض غير أخلاقية، مشيرا إلى أن هذه التهديدات تهم أيضا الاحتيال الإلكتروني و”التصيد الاحتيالي”.
سرية المعطيات الشخصية
وأوضح الجبلي، في تصريح لـSNRTnews، أن كل شخص لديه هاتف محمول معرض للقرصنة في حال اختراق هاتفه، مبرزا أن قرصنة الهواتف المحمولة تعد من المخاطر الكبيرة التي يمكن أن تؤدي إلى فقدان البيانات الشخصية والمعلومات الحساسة للأفراد، إذ باستطاعة القراصنة الوصول إلى الرسائل، والصور، وحتى المعلومات المالية، “مما يشكل خطرا كبيرا على خصوصية الأفراد”.
وشدد الخبير في الأمن المعلوماتي على أهمية حماية البيانات الشخصية والحفاظ على السرية في عصر الإنترنت، داعيا مستخدمي تطبيقات التواصل الاجتماعي إلى توخي الحذر في ما يخص “مشاركة المعلومات الشخصية واستخدام إعدادات الخصوصية على الشبكات الاجتماعية للحد من وصول الغرباء إلى معلوماتهم”.
وفي ما يتعلق بعواقب الاستخدام الخاطئ للتطبيقات، أوضح الجبلي، أن تحميل التطبيقات من مصادر غير موثوقة أو منح التطبيقات صلاحيات واسعة على الهاتف يمكن أن يؤدي إلى سرقة البيانات وغيرها من المخاطر الأمنية.
وأكد أن كل ما يتم مشاركته عبر الإنترنت، سواء تعلق بالأمر بصور أو معلومات، يصعب استرجاعه أو التحكم فيه بعد النشر، لذا يشدد الجبلي على ضرورة “التفكير بعناية قبل مشاركة أي شيء على الإنترنت”.
كلمات مرور قوية
ولحماية البيانات الشخصية على شبكات التواصل الاجتماعي، دعا الخبير في الأمن المعلوماتي إلى استخدام كلمات مرور قوية وتغييرها بانتظام، إضافة إلى تفعيل التحقق بخطوتين؛ تجنب النقر على الروابط المشبوهة، واستخدام إعدادات الخصوصية للتحكم في من يمكنه رؤية المحتوى الشخصي.
وفي حال تسريب صور وفيديوهات خاصة، شدد الجبلي على ضرورة الاتصال بالسلطات المحلية وتقديم شكوى في الموضوع، لافتا إلى إمكانية اللجوء إلى محامين مختصين في الجريمة الإلكترونية للحصول على المساعدة القانونية، مع ضرورة الحفاظ على الأدلة مثل الروابط والصور المسربة.
وأكد المتحدث ذاته، في هذا الإطار، أن القانون المغربي يعتبر مشاركة الروابط التي تحتوي على محتوى خاص دون إذن صاحبها جريمة يعاقب عليها بشدة، “ما يستدعي عدم التردد في التبليغ عن أي نشاط مشبوه يخالف القانون”.
ماذا يقول القانون؟
من جهته، أكد هشام تهوم محام بهيئة الدارالبيضاء، مختص في الجرائم الإلكترونية، أن التشهير واستعمال الوسائل الإلكترونية لأغراض غير أخلاقية جريمة يعاقب عليها المشرع المغربي سواء في قانون الصحافة والنشر أو القانون الجنائي والقانون الخاص بالعنف ضد النساء، وتدخل أيضا ضمن الاتجار في البشر عندما تصل إلى ابتزاز الآخر بصور وفيديوهات.
وأوضح تهوم، في تصريح لـSNRTnews، أن القانون الجنائي يحتوي على شق مهم من النصوص المتعلقة بالجريمة الإلكترونية، إذ تنص المادة 607-3 من القانون الخاص بجرائم المس بنظم المعالجة الآلية للمعطيات على أنه “يعاقب بالحبس من شهر إلى ثلاثة أشهر وبالغرامة من 2000 إلى 10 آلاف درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط كل من دخل إلى مجموع أو بعض نظام المعالجة الآلية للمعطيات عن طريق الاحتيال. ويعاقب بنفس العقوبة من بقي في نظام للمعالجة الآلية للمعطيات أو في جزء منه، كان قد دخله عن طريق الخطأ هو غير مخول له حق دخوله. تضاعف العقوبة إذا نتج عن ذلك حذف أو تغيير المعطيات المدرجة في نظام للمعالجة الآلية للمعطيات أو اضطراب في سيره”.
وتتجلى هذه الطرق، وفق المحامي تهوم، في الاختراق أو إرسال رابط مفخخ أو غيرها من وسائل الاحتيال، مشيرا إلى أن الفصول التي تتطرق لهذه الجرائم عديدة بالإضافة إلى أخرى تتحدث عن المس بالمعطيات الخاصة والتشهير.
“تزايد الجرائم الإلكترونية”
وأكد المحامي بهيئة الدار البيضاء أن كل من وقع ضحية تشهير لديه الحق في التقدم بشكاية ضد مجهول، موضحا أن جميع الملفات التي يتم الاشتغال عليها سواء المتعلقة بالابتزاز الإلكتروني أو التشهير عبر الوسائل الإلكترونية يتم فيها توجيه شكاية ضد مجهول، ليتم بعدها التنسيق مع النيابة العامة.
وأضاف أن “وكيل الملك يعطي تعليماته للشرطة القضائية للتحري في الموضوع، والتي تنسق مع قسم الشرطة الإلكترونية للقيام بما يسمى بتطبيق نظام التتبع لمعرفة الوسيلة التي تم بها هذا الابتزاز والبحث عن المتورطين فيه”.
وأشار، في هذا الإطار، إلى تسجيل ارتفاع في ملفات الجرائم الإلكترونية مع تطور التكنولوجيا وتقنيات الذكاء الاصطناعي، بحيث بات المستخدم لا يميز بين من يتواصل معه بالنظر لإمكانية تغيير الصوت والصورة من أجل كسب ثقة الآخر، ليتم بعد ذلك ابتزازه والتحايل عليه، “ما بات يستدعي المزيد من الحذر عند استعمال مختلف أشكال وسائل التواصل الاجتماعي”.