هل كانت تويوتا محقة في رؤيتها للسيارات الكهربائية؟
اتجهت كبرى شركات صناعة السيارات حول العالم في السنوات الأخيرة نحو تسريع خطواتها لتطوير مركبات تعمل بالكهرباء فقط أو بالبطاريات، واحتدم السباق بصورة كبيرة، لكن اتخذت “تويوتا موتور” مسارًا آخر وتعهدت بمواصلة تقديم مجموعة واسعة من المحركات والسماح للمستهلكين باتخاذ القرار بأنفسهم.
وأصرت “تويوتا” على أن السيارات العاملة بمحركات الاحتراق الداخلي يمكنها الاستمرار حتى في الوقت الذي تسعى فيه شركات صناعة السيارات للتخلص من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون.
وفي أكتوبر 2022، قال الرئيس “أكيو تويودا” التنفيذي للشركة اليابانية آنذاك أن هدف “تويوتا” يظل كما هو، إرضاء أكبر مجموعة ممكنة من العملاء بأكبر مجموعة من المحركات تشمل الهجينة والهجينة القابلة للشحن الخارجي والتي تعمل بخلايا وقود الهيدروجين، والسيارات الكهربائية.
وأكد حينها أنه لا يعتقد أن سيتم اعتماد السيارات الكهربائية بالسرعة التي يعتقدها المنظمون والمنافسون وذلك لعدة أسباب منها الافتقار للبنية التحتية والتسعير واختلاف خيارات العملاء من منطقة لأخرى.
وصرح رئيس مجلس إدارة الشركة “أكيو تويودا” في مقابلة مؤخرًا قائلاً: بغض النظر عن مدى تقدم السيارات الكهربائية العاملة بالبطاريات، إلا أنها ستحظى بحصة سوقية 30% فقط تقريبًا.
وللتوضيح، فإن السيارات الهجينة تحرق كميات أقل من الوقود الأحفوري مقارنة بالسيارات العاملة بالببزين لذلك فهي أكثر صداقة للبيئة، كما أن قائدها لا يقلق بشأن مدى القيادة ومشكلات الشحن.
انتقادات
تعهد “أكيو تويودا” حينها بالتركيز على السيارات الهجينة التي كانت الشركة رائدة فيها عندما أطلقت سيارة “بريوس” في اليابان عام 1997، وفي الولايات المتحدة بعدها بثلاث سنوات.
وذكر “ساتورو أوياما” المسؤول لدى “فيتش ريتنجز” لصحيفة “فاينانشال تايمز” حينها في أكتوبر 2022: تويوتا لا تستجيب بشكل صحيح لدعوات السوق لأخذ زمام المبادرة في مجال السيارات الكهربائية، وحذر من أن الشركة قد تفقد ثقة المستثمرين.
كما واجهت انتقادات أيضًا من علماء البيئة، إذ كتبت “كاثرين جارسيا” مسؤولة حملة “النقل النظيف للجميع” التابعة للمنظمة البيئية الأمريكية “سييرا كلوب” في مدونة: الحقيقة هي أن السيارات الهجينة المتوافرة اليوم لا تعد تقنية صديقة للبيئة، تعمل “بريوس” الهجينة بمحرك احتراق ملوث للبيئة الموجود في أي سيارة تعمل بالبنزين، ومع ذلك فبدلاً من أن تستثمر “تويوتا” في السيارات الكهربائية، فإنها تضع أرباحها أولوية على حساب معالجة أزمة المناخ.
أداء 2023
واجهت “تويوتا” الكثير من الانتقادات بسبب تأخرها في إنتاج السيارات الكهربائية، إذ توقع الكثيرون أن الشركة الكبرى ستتخلف عن منافسيها، ومع ذلك فإن مبيعات العام الماضي تحكي قصة محتلفة، فلم تتمكن “تويوتا” من الحفاظ على لقب صانعة السيارات الأكبر في العالم من حيث المبيعات للعام الرابع على التوالي فحسب، بل وصلت إجمالي تسليماتها إلى أعلى مستوياتها على الإطلاق.
وبلغت إجمالي مبيعات المجموعة – “تويوتا” وشركاتها التابعة – 11.233 مليون وحدة على مستوى العالم في 2023، منها 3.42 مليون سيارة هجينة بارتفاع من 2.6 مليون في 2022، بينما باعت 104.018 ألف وحدة فقط من المركبات العاملة بالكهرباء.
وعلى الرغم من أن مبيعاتها من السيارات الكهربائية تعد مرتفعة 325.2% على أساس سنوي، وهي نسبة مذهلة، إلا أنها مضللة أو خادعة لأن ارتفاعها القوي يعود لضعف مبيعات سنة الأساس أو سنة المقارنة، والحقيقة هي أن المركبات العاملة بالكهرباء شكلت فقط 0.926% من إجمالي الشحنات خلال عام قياسي للمجموعة.
أما عن منافستها الرئيسية “فولكس فاجن” التي جاءت في المركز الثاني من حيث المبيعات، ارتفعت إجمالي تسليماتها 12% إلى 9.24 مليون وحدة في عام 2023، ومع ذلك فإن المجموعة الألمانية باعت عددًا أكبر بكثير من السيارات الكهربائية مقارنة مع “تويوتا”، إذ وصلت شحناتها من تلك المركبات إلى ما يقرب من 770 ألف وحدة.
هل كانت على حق؟
توقعت أكبر شركات صناعة السيارات اليابانية تحقيق صافي ربح قياسي بقيمة 30.3 مليار دولار في العام المالي الذي سينتهي في مارس بفضل ارتفاع مبيعات السيارات الهجينة في كافة أسواقها الرئيسية.
على النقيض، حذرت صانعة السيارات الكهربائية الأمريكية “تسلا” – على الرغم من خفضها المتكرر للأسعار لتعزيز الطلب – من أن نمو المبيعات هذا العام قد يكون أقل بشكل ملحوظ من العام الماضي، وأعلنت بيع 1.8 مليون سيارة في 2023.
كما أن هناك علامات متزايدة من شركات صناعة السيارات حول العالم على أن نمو مبيعات السيارات الكهربائية آخذًا في التباطؤ.
وحققت مبيعات السيارات الهجينة في الولايات المتحدة نموًا بنسبة 63% في 2023، متفوقة على معدل نمو نظيرتها الكهربائية البالغ 51%، وذلك حسب بيانات “إيموندز”.
وذكر محللو “جولدمان ساكس” في مذكرة بحثية: نعتقد أن السوق يعيد التفكير حاليًا في إمكانات السيارات الهجينة التي تمثل نقطة قوة لـ “تويوتا”.
بينما ذكر “ستيفاني برينلي” المدير المساعد لدى “إس أند بي جلوبال موبيلتي” لوكالة “رويترز”: إذا تحول اعتماد المستهلكين على السيارات الكهربائية العاملة بالبطاريات مجددًا وتسارع، فإن “تويوتا” قد لا تكون جاهزة بصورة كاملة لذلك.