واشنطن تضيق الخناق على الطائرات المسيّـرة الصينية

دخلت الولايات المتحدة مرحلة جديدة من التشدد في سياساتها التكنولوجية، بعد إعلانها الأسبوع الماضي عن حظر استيراد وبيع الطائرات المسيّـرة الجديدة المصنعة خارج أراضيها، في خطوة تستهدف واحدة من أكثر القطاعات الصينية نموًا وتأثيرًا على المستوى العالمي.
القرار، الصادر عن هيئة الاتصالات الفيدرالية الأمريكية، أضاف الطائرات المسيّـرة ومكوناتها الأساسية إلى ما يُعرف بـ«القائمة المغطاة»، التي تضم الجهات والشركات المصنَّفة على أنها تشكل خطرًا غير مقبول على الأمن القومي الأمريكي.
ونتيجة لذلك، وجدت شركات صينية رائدة مثل دي جي آي وأوتيل روبوتيكس نفسها محرومة عمليًا من الوصول إلى أحد أكبر أسواقها العالمية، رغم هيمنتها التقنية والتجارية على هذا القطاع لعقد كامل.
وبحسب نص القرار، أصبح من المستحيل تسويق أو استخدام الأجيال الجديدة من الطائرات المسيّـرة أو مكوناتها الحيوية، مثل وحدات الاتصال وأنظمة الملاحة والبطاريات والمحركات، دون الحصول على استثناءات خاصة من الجهات التنظيمية.

أوضحت السلطات الأمريكية أن القرار يهدف إلى حماية الأمن القومي، معتبرة أن الطائرات الأجنبية قد تُستخدم للتجسس أو تسريب البيانات أو شن هجمات إلكترونية، خصوصًا إذا كانت الشركات المنتجة تتبع لدول تعتبرها واشنطن خصومًا استراتيجيين.
وتسيطر شركة دي جي آي، أكبر مصنّع للطائرات المسيّـرة عالميًا، على نحو 70 إلى 90% من السوق الأمريكية، حيث تُستخدم طائراتها في المجالات الاستهلاكية والزراعية، وخدمات التصوير، ومراقبة المنشآت، والطوارئ، إلى جانب الأجهزة الأمنية مثل الشرطة والإطفاء. وترى واشنطن أن انتشار هذه الطائرات بهذا الحجم قد يخلق ثغرات تقنية تهدد الأمن القومي.
أكثر 10 دول لديها طائرات عسكرية مسيرة في العالم بحسب تقرير إنسايدر مانكي | ||
الترتيب | الدولة | عدد الطائرات |
1 | الولايات المتحدة | 13710 |
2 | تركيا | 1421 |
3 | بولندا | 1209 |
4 | روسيا | 1050 |
5 | ألمانيا | 670 |
يأتي هذا القرار ضمن استراتيجية أمريكية أوسع للحد من النفوذ التكنولوجي الصيني، بعد قيود على تصدير الرقائق المتقدمة ومعدات شبكات الجيل الخامس والتكنولوجيا الحيوية. ويعكس قانون الرقائق والعلوم محاولة لتعزيز التصنيع المحلي ومنع توسع الاستثمارات الأمريكية المتقدمة في الصين، في ظل إدراك متزايد بأن التفوق التكنولوجي أصبح عنصرًا رئيسيًا في القوة الجيوسياسية والعسكرية .
على المستوى الاقتصادي، من المتوقع أن يؤدي الحظر إلى ارتفاع تكاليف الشركات الصغيرة والمزارعين ومقاولي البنية التحتية الذين يعتمدون على الطائرات الصينية منخفضة التكلفة، مع تباطؤ محتمل في الابتكار.
وفي المقابل، قد يدفع القرار إلى تعزيز الاستثمار المحلي في تصنيع الطائرات، كما حدث في قطاع أشباه الموصلات بعد إقرار قانون الرقائق والعلوم.
دوليًا، أعربت الصين عن رفضها للحظر، معتبرة إياه ممارسة تمييزية تهدد التجارة الحرة، فيما حذر محللون من أن هذه الخطوة قد تؤدي إلى تصعيد النزاع التكنولوجي والتجاري بين بكين وواشنطن، مع احتمال أن تتخذ الصين إجراءات مضادة، مثل فرض قيود على تصدير المعادن الأرضية النادرة المستخدمة في محركات الطائرات والمركبات الكهربائية، والتي تسيطر الصين على نحو 90% من إنتاجها عالميًا.
يشير الخبراء إلى أن هذا الحظر يعكس تحولًا في طبيعة المنافسة التكنولوجية العالمية، حيث أصبح الأمن القومي والسيطرة على التقنيات المتقدمة أدوات سياسية وجيواقتصادية أكثر من كونها مجرد اعتبارات اقتصادية.
ومع اتساع نطاق القيود الأمريكية من الرقائق إلى شبكات الاتصالات وصولًا إلى الطائرات المسيّـرة، يطرح القرار تساؤلات حول مدى استخدام مفهوم الأمن القومي لتبرير سياسات حمائية في سياق سباق تكنولوجي عالمي محتدم.




