الاقتصادية

كوريا الجنوبية تكشف شبكة تسريب تقني لصالح الصين في صناعة رقائق الذاكرة

كشفت السلطات القضائية في كوريا الجنوبية عن واحدة من أخطر قضايا تسريب التكنولوجيا في قطاع أشباه الموصلات، بعد توجيه اتهامات إلى عشرة أشخاص يُشتبه في تورطهم بنقل أسرار صناعية حساسة تتعلق بتصنيع رقائق الذاكرة إلى شركة «تشانغشين ميموري تكنولوجيز» الصينية.

وأفادت النيابة العامة في سيول بأن القضية لا تتعلق بمجرد خرق فردي، بل بشبكة منظمة ساهمت، بحسب التحقيقات، في تسريع صعود الصين في مجال ذاكرة النطاق الترددي العالي، وهي تقنية محورية لتطبيقات الذكاء الاصطناعي والحوسبة المتقدمة.

وأعلنت النيابة العامة في المنطقة المركزية بسيول، يوم الثلاثاء، توجيه الاتهام إلى خمسة أشخاص مع احتجازهم، من بينهم مدير تنفيذي سابق في شركة سامسونغ للإلكترونيات وعدد من المهندسين، وذلك بتهمة انتهاك قانون حماية التكنولوجيا الصناعية. كما وُجهت اتهامات مماثلة إلى خمسة آخرين أُفرج عنهم لاحقاً بكفالة.

ووفقاً للمدّعين، فإن أحد الباحثين السابقين في سامسونغ للإلكترونيات، أثناء استعداده للانتقال للعمل لدى الشركة الصينية، أقدم على نسخ مئات المراحل التفصيلية لعمليات تصنيع ذاكرة الوصول العشوائي الديناميكية (DRAM) يدوياً. وشملت هذه المعلومات وصفات دقيقة تتعلق بمواصفات المعدات، وتسلسل العمليات، وأساليب تحسين الإنتاجية.

وأضافت النيابة أن هذه الملاحظات، التي كُتبت بخط اليد لتفادي التتبع الرقمي، استُخدمت لاحقاً لإعادة بناء خطوط الإنتاج داخل شركة «تشانغشين ميموري تكنولوجيز»، ما منحها دفعة تقنية غير مسبوقة.

وكشف التحقيق أيضاً أن الشركة الصينية حصلت على تقنيات إضافية مرتبطة بتصنيع رقائق الذاكرة من شركة «إس كي هاينكس» الكورية عبر أحد المورّدين، الأمر الذي سرّع بشكل ملحوظ عملية تطويرها الصناعي.

ورغم امتناع سامسونغ للإلكترونيات و«إس كي هاينكس» و«تشانغشين ميموري تكنولوجيز» عن التعليق، أكدت النيابة العامة لاحقاً أسماء الشركات المعنية في تصريحات لوكالة رويترز، بعد أن تجنبت ذكرها في بيانها الرسمي الأول.

وأوضحت النيابة أن التكنولوجيا المسربة تتعلق بتقنية تصنيع ذاكرة DRAM بدقة 10 نانومتر، وهي من أكثر التقنيات تقدماً في هذا المجال. وكانت سامسونغ قد أنفقت نحو 1.6 تريليون وون لتطويرها، ونجحت آنذاك في تسويقها تجارياً بشكل حصري تقريباً.

وبحسب التحقيقات، قامت الشركة الصينية بتعديل البيانات المسروقة والتحقق من ملاءمتها لمعداتها الخاصة، ما أتاح لها بدء إنتاج رقائق DRAM بدقة 10 نانومتر في عام 2023، في سابقة تمثل اختراقاً مهماً لصناعة الرقائق الصينية.

وأكدت النيابة أن هذا الاستخدام غير المشروع فتح الباب أمام تطوير ذاكرة النطاق الترددي العالي، مشيرة إلى أن الخسائر التي تكبدتها الشركات الكورية، وفي مقدمتها سامسونغ، تُقدّر بعشرات التريليونات من الوون.

وتتزامن هذه التطورات مع مساعي «تشانغشين ميموري تكنولوجيز» للإدراج في بورصة شنغهاي، بتقييم يُقدّر بنحو 42 مليار دولار. وكانت الشركة قد أعلنت، الشهر الماضي، عن أحدث أجيال ذواكر DDR5، في خطوة اعتُبرت تحدياً مباشراً لهيمنة الشركات الكورية الجنوبية على سوق الذاكرة العالمية.

وتعيد هذه القضية إلى الواجهة صراع التكنولوجيا بين القوى الصناعية الكبرى، حيث لم تعد المنافسة محصورة في الأسواق، بل امتدت إلى ساحات القضاء والأمن الصناعي.

 

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى