الاقتصادية

كاليفورنيا تطوي صفحة النزاع القضائي وتواصل مشروع القطار السريع بلا دعم فيدرالي

في خطوة تعكس تصعيداً سياسياً بقدر ما تكشف عن رهان اقتصادي طويل الأمد، أعلنت ولاية كاليفورنيا تخليها عن الدعوى القضائية التي كانت قد رفعتها ضد إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، احتجاجاً على إلغاء منح فيدرالية تفوق قيمتها 4 مليارات دولار كانت موجهة لتمويل مشروع القطار فائق السرعة.

وأوضحت «هيئة السكك الحديدية فائقة السرعة في كاليفورنيا»، في بيان صدر في وقت متأخر من مساء الجمعة، أن قرار سحب الدعوى يأتي بعد تقييم خلص إلى أن الحكومة الفيدرالية «لم تعد شريكاً موثوقاً أو بنّاءً» في إنجاح هذا المشروع الاستراتيجي، الذي يهدف إلى ربط لوس أنجلوس بسان فرانسيسكو عبر شبكة نقل حديثة.

ورغم أن الهيئة كانت قد لجأت إلى القضاء في يوليو الماضي للطعن في قرار إلغاء التمويل، فإنها أكدت أن المضي في المسار القانوني لم يعد مجدياً، خاصة أن التمويل الفيدرالي لا يمثل سوى نحو 18% من إجمالي نفقات البرنامج. وكانت محكمة قد رفضت في وقت سابق من هذا الشهر طلباً برد الدعوى، ما سرّع قرار الولاية بإنهاء النزاع.

يمثل سحب الدعم الفيدرالي عقبة جديدة أمام مشروع يعود إطلاقه إلى أكثر من 16 عاماً، وشهد منذ بدايته سلسلة من التأخيرات وتجاوزات كبيرة في الميزانية. فبينما كان من المقرر إنجازه بحلول عام 2020 بتكلفة تناهز 33 مليار دولار، تشير التقديرات الحالية إلى أن الكلفة الإجمالية قد تتراوح بين 89 و128 مليار دولار، مع توقع بدء الخدمة في حدود عام 2033.

وكان حاكم كاليفورنيا الديمقراطي، غافين نيوسوم، قد وصف قرار إدارة ترامب بإلغاء المنح بأنه «انتقام سياسي»، معتبراً أنه نابع من خصومة شخصية مع الولاية والمشروع، وليس من تقييم موضوعي للمعطيات التقنية والمالية.

ورغم الجدل المحيط به، حقق المشروع تقدماً ملموساً على مستوى البنية التحتية، حيث جرى إنجاز أكثر من 50 منشأة رئيسية تشمل جسوراً وأنفاقاً، إضافة إلى استكمال نحو 80 ميلاً من المسارات المخصصة للقطار. ويعود إطلاق المشروع إلى موافقة ناخبي الولاية سنة 2008 على إصدار سندات لتمويله.

غير أن الضغوط المالية تواصلت، بعدما ألغت وزارة النقل الأميركية في غشت الماضي تمويلاً إضافياً بقيمة 175 مليون دولار لأربعة مشاريع مرتبطة بالقطار السريع، وذلك بعد قرار إلغاء المنح الكبرى البالغة 4 مليارات دولار.

في مواجهة هذا الوضع، أكدت السلطات في كاليفورنيا أن فقدان التمويل الفيدرالي لن يوقف الأشغال. وكشفت الهيئة أنها شرعت في إعداد خطة لجذب مستثمرين ومطورين من القطاع الخاص، على أن تنطلق هذه العملية بحلول صيف 2026. كما شددت على أن البناء مستمر وأن وتيرة الإنجاز لم تتأثر.

وأضافت الهيئة أن تشريعاً جرى توقيعه في سبتمبر الماضي يضمن تخصيص مليار دولار سنوياً لتمويل المشروع إلى غاية عام 2045، ما يوفر قاعدة مالية مستقرة نسبياً بعيداً عن التقلبات السياسية في واشنطن.

ويأتي ذلك في وقت كانت فيه إدارة السكك الحديدية الفيدرالية قد نشرت تقريراً مفصلاً من 315 صفحة، خلص إلى أن المشروع يعاني من اختلالات هيكلية، تشمل التأخر في الآجال، ونقص التمويل، وتوقعات غير مؤكدة بشأن عدد الركاب.

يُذكر أن إدارة ترامب كانت قد سحبت خلال ولايتها الأولى نحو 929 مليون دولار من المنح الفيدرالية، قبل أن تُعاد هذه الأموال كاملة في إطار تسوية تم التوصل إليها سنة 2021، خلال رئاسة جو بايدن. لكن مع عودة التوتر السياسي، يبدو أن كاليفورنيا اختارت هذه المرة المضي قدماً بمفردها، واضعة المشروع على سكة الاستمرار رغم كل التحديات.

 

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى