اقتصاد المغربالأخبار

ميناء الداخلة الأطلسي يثير قلقاً في إسبانيا.. مشروع مغربي يعيد رسم موازين الأطلسي

أعاد مشروع ميناء الداخلة الأطلسي إلى الواجهة نقاشاً متصاعداً داخل إسبانيا، بعدما بدأت أصوات سياسية وإعلامية إسبانية تنظر إليه باعتباره عاملاً قد يغيّر خريطة النفوذ الاقتصادي والبحري في وسط المحيط الأطلسي، ويؤثر مباشرة في مصالح جزر الكناري.

ووفق ما أوردته تقارير إعلامية إسبانية، فإن القرب الجغرافي للميناء من الأرخبيل، إلى جانب الطموح المغربي في تحويله إلى قطب لوجستي وتجاري من الطراز الأول، يثير مخاوف من اشتداد المنافسة بين البنيات المينائية في المنطقة.

ويقع موقع الداخلة على مسافة تقل عن 500 كيلومتر من جزر الكناري، ما يمنح المشروع بعداً استراتيجياً يتجاوز الإطار الاقتصادي الصرف.

وتعتبر هذه الأوساط أن ميناء الداخلة الأطلسي يندرج ضمن رؤية مغربية بعيدة المدى لتعزيز حضورها في الواجهة الأطلسية، سواء من خلال تطوير البنيات التحتية أو عبر تثبيت موقعها كبوابة بحرية تربط إفريقيا بأوروبا والأمريكيتين.

وتشير المعطيات المتداولة إلى أن وتيرة الأشغال في الميناء بلغت مراحل متقدمة، مع توقع دخوله حيز الخدمة في أفق نهاية العقد الجاري.

ولا يُنظر إلى المشروع على أنه ميناء تقليدي، بل كمنصة متكاملة تجمع بين الأنشطة اللوجستية والصناعية والطاقية، مع تركيز خاص على دعم التجارة الأطلسية، وتطوير الصيد البحري والفلاحة، وتعزيز الربط الإقليمي بين شمال وغرب إفريقيا، إلى جانب الانفتاح على أسواق عابرة للأطلسي.

وتضع وسائل الإعلام الإسبانية هذا المشروع في إطار ما تصفه بـ“التحرك الأطلسي” للمغرب، والذي يقوم على تعزيز التعاون جنوب–جنوب، وبناء شبكات بنية تحتية حديثة، مدعومة بمناطق صناعية، وشبكات طرق، ومشاريع في مجال الطاقات المتجددة، فضلاً عن تحركات دبلوماسية لجذب الرساميل الأجنبية.

وفي المقابل، تخشى بعض الدوائر في إسبانيا من أن يؤدي هذا التوجه إلى إعادة ترتيب موازين المنافسة بين موانئ المنطقة، بما قد يؤثر على مكانة موانئ جزر الكناري في مجالات النقل البحري، والخدمات اللوجستية، وأنشطة الصيد، خاصة في ظل التحولات التي تعرفها طرق الملاحة العالمية في المحيط الأطلسي.

ولا يغيب البعد السياسي عن هذا النقاش، إذ تربط بعض التحليلات الإسبانية بين تسارع المشاريع التنموية في الداخلة وقضايا أوسع، من بينها ترسيم الحدود البحرية وتوازنات النفوذ في الفضاء الأطلسي. كما تنتقد هذه الأوساط الموقف الرسمي لمدريد الداعم لمبادرة الحكم الذاتي المغربية، وتتابع باهتمام اللقاءات المتكررة بين مسؤولين من البلدين.

وفي ختام قراءتها للمشهد، تخلص التقارير الإسبانية إلى أن ميناء الداخلة الأطلسي بات يُنظر إليه كأكثر من مجرد ورش اقتصادي، بل كمكوّن فاعل في التحولات الجيوسياسية والاقتصادية الجارية في الأطلسي، في وقت يواصل فيه المغرب تنفيذ استراتيجيته البحرية والتنموية بثبات، معززاً طموحه في ترسيخ موقعه كلاعب إقليمي ودولي مؤثر.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى