التكنولوجيا

الذكاء الاصطناعي يُعيد رسم مستقبل التعليم.. شراكة بين التكنولوجيا والمعلمين

يشهد قطاع التعليم حول العالم تحولًا جذريًا بفعل الذكاء الاصطناعي، الذي أصبح شريكًا أساسيًا في تعزيز تجربة التعلم، دون أن يحل محل المعلمين.

وتشير التقديرات إلى أن سوق الذكاء الاصطناعي في التعليم قد يرتفع عالميًا إلى 112.3 مليار دولار بحلول عام 2034، مقارنة بـ5.18 مليار دولار في 2024، في مؤشر على النمو المتسارع لهذه التقنية في المدارس والجامعات.

لم تعد الفصول الدراسية كما كانت، فاليوم يساعد الذكاء الاصطناعي الطلاب على فهم المواد المعقدة، مثل الرياضيات والعلوم، ويقدم تجربة تعليمية مصممة خصيصًا لتلبية احتياجات كل فرد. وباتت الأدوات التكنولوجية جزءًا لا يتجزأ من أساليب التدريس الحديثة، مع التركيز على تخصيص التعلم وتحسين النتائج.

في الوقت الحالي، يستخدم كثير من الطلاب أدوات الذكاء الاصطناعي، مثل “شات جي بي تي”، للحصول على إجابات سريعة، إلا أن القيمة الحقيقية لهذه الأدوات تتجلى عندما يتم توجيه الطلاب لإجراء أبحاث أعمق وفهم أوسع للموضوعات، كما يوضح مركز الذكاء الاصطناعي التوليدي بجامعة جنوب كاليفورنيا.

ولا يُنظر إلى الذكاء الاصطناعي كبديل للمعلم، بل كأداة مساعدة، قادرة على تحليل كميات ضخمة من البيانات لتحديد نقاط ضعف الطلاب وتقديم توصيات تعليمية دقيقة، بينما يركز المعلمون على التفاعل الشخصي وفهم الاحتياجات الفردية للطلاب، بالإضافة إلى دورهم كقدوة في حياتهم.

كيف لجأت الدول حول العالم للاستفادة من إمكانات الذكاء الاصطناعي في قطاع التعليم؟

الدولة

فكرة التجربة

اليابان

يعيد الذكاء الاصطناعي تشكيل التعليم في اليابان، وعلى سبيل المثال مدينة تودا، حيث حللت الأدوات التقنية بيانات الحضور والسجلات الصحية لتحديد الطلاب الأكثر عرضة لخطر التغيب عن الدراسة.

وأشاد الخبراء بإمكانيات النظام، لكنهم حذروا من الاعتماد المفرط على الخوارزميات.

كندا

يستخدم الذكاء الاصطناعي في الفصول الدراسية بالفعل، لأن الطلاب سرعان ما أدركوا أنه بإمكانهم الاعتماد على أدوات مثل “شات جي بي تي” في واجباتهم المدرسية.

وبالفعل أظهر استطلاع أجرته “كيه بي إم جي” عام 2024 أن 7% من طلاب المدارس الثانوية الكندية يستخدمون الذكاء الاصطناعي في أداء الواجبات.

فنلندا

ركزت على الاهتمام بالذكاء الاصطناعي في مناهجها الدراسية لضمان فهم الطلاب للتطورات التقنية وحدودها.

وتمنح معلميها تدريبًا ليس فقط على استخدام الذكاء الاصطناعي، بل أيضًا على توجيه مناقشات أخلاقية حول التحيز والخصوصية.

وتشيد منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية بفنلندا كنموذج يحتذى به في مواءمة السياسات والأساليب التربوية والتطوير المهني.

سنغافورة

بدأت رحلة سنغافورة نحو التعلم الرقمي قبل وقت طويل من ظهور الذكاء الاصطناعي.

وحاليًا يستخدم الذكاء الاصطناعي بالفعل في الفصول الدراسية، حيث يساعد المعلمين على التدريس بكفاءة أكبر، وتوفير أساليب جديدة للتعلم.

كوريا الجنوبية

باعتبارها إحدى أكثر دول العالم تقدمًا من الناحية التقنية، تستفيد كوريا من الذكاء الاصطناعي لتعزيز جودة التعليم، وخلق ديناميكية جديدة في الفصول الدراسية تجمع بين قيادة المعلم ودعم الذكاء الاصطناعي.

إستونيا

يعتبر الجوال الذكي جزءًا من عملية التعلم الرقمية، وتوفر وصولًأ مجانيًا للطلاب لأدوات الذكاء الاصطناعي عالية الجودة.

كينيا

استفادت من الذكاء الاصطناعي المتوافرة أدواته عبر الجوالات في الوصول إلى الطلاب في المناطق الريفية ذات البنية التحتية الضعيفة.

لكن رغم ذلك تحذر منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية من أن الاستدامة ودعم المعلمين هما العاملان الحاسمان في تحديد ما إذا كانت أدوات الذكاء الاصطناعي ستساعد في تقليل تلك الفجوات التعليمية أم ستعمقها.

على صعيد المبادرات الدولية، بدأت هولندا بتجربة نموذج مبتكر من خلال إنشاء مختبر وطني للذكاء الاصطناعي يجمع بين المعلمين والباحثين والشركات والحكومة لتطوير أدوات تعليمية مشتركة.

كما تبنت بعض المدارس الهولندية أنظمة تعليمية تمنح الطلاب القدرة على التحكم في تجربة تعلمهم، ما يعكس دمجًا متقدمًا بين التكنولوجيا والتعليم التقليدي.

التطورات التكنولوجية لا تهدف إلى استبدال المعلمين، بل إلى تحسين العملية التعليمية وتحقيق أقصى استفادة ممكنة من التفاعل بين الذكاء الاصطناعي والبشر. المستقبل في التعليم يكمن في الشراكة الذكية بين التكنولوجيا والمعلم، لتهيئة الطلاب لمواجهة عالم سريع التغير ومتطلبات جديدة.

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى