التوتر بين واشنطن وكاراكاس يضغط على أسواق النفط ويهدد إمدادات الديزل العالمية

سيطرت الأحداث الأخيرة على ملف النفط الفنزويلي، بعد أن صعدت الولايات المتحدة من ضغوطها على حكومة الرئيس نيكولاس مادورو، حيث صادرت القوات الأمريكية ناقلة نفط قبالة السواحل الفنزويلية، وأصدر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تعليماته بمنع جميع ناقلات النفط الخاضعة للعقوبات من دخول أو مغادرة البلاد، في تصعيد غير مسبوق لحملة واشنطن ضد كاراكاس.
ويرى محللون أن الهدف الحقيقي وراء هذه التحركات يتجاوز محاربة تهريب المخدرات، ويتركز على السيطرة على احتياطيات النفط الضخمة في فنزويلا، التي تشكل أكبر مخزون نفطي على مستوى العالم. وقد حذر مادورو من أن أي تدخل أمريكي واسع النطاق قد يهدد استقرار الإنتاج المحلي ويؤثر على أسواق الطاقة العالمية.
ويشير خبراء إلى أن التصعيد الحالي يعرقل صادرات النفط الفنزويلية ويثير توترًا دبلوماسيًا مع حلفاء الولايات المتحدة، كما يفتح الباب لاحتمالات انتقامية من كاراكاس وحلفائها، لا سيما إذا طال استهداف المنشآت العسكرية أو النفطية. وفي حال إجبار مادورو على التنحي، فقد يشهد الإنتاج الفنزويلي اضطرابات كبيرة تمتد لسنوات قبل التعافي.
وتظل فنزويلا لاعبًا مهمًا في سوق النفط رغم انخفاض إنتاجها الحالي إلى نحو مليون برميل يوميًا، أي ثلث ذروتها قبل 25 عامًا، بينما يعاني قطاع النفط من نقص التمويل وتدهور البنية التحتية.
وذكّر تاريخ البلاد، لا سيما الإضراب النفطي بين 2002 و2003، بسرعة تراجع الإنتاج حتى دون تدخل خارجي، وهو ما يزيد من المخاوف من أي صدمة في السوق العالمية.

وأثارت هذه التطورات مخاوف كبيرة بشأن أسعار الديزل، إذ تعد الأنواع الثقيلة من الخام الفنزويلي مناسبة لإنتاج الديزل، الذي يشكل عنصرًا أساسيًا في معظم الصناعات. وحذرت وكالة الطاقة الدولية من أن أسواق المشتقات النفطية المتوسطة تعاني بالفعل من نقص المعروض، مما قد يؤدي إلى ارتفاع الأسعار عالميًا.
كيف تؤثر ضغوط “ترامب” ضد فنزويلا على أسعار النفط العالمية؟ | ||
المحلل/الجهة | التوضيح | |
“فاندا فيلباب براون” الباحثة لدى معهد “بروكينغز” | تناولت تأثير الأزمة على الصين التي استثمرت بصورة كبيرة في النفط الفنزويلي من خلال تقديم قروض للحكومة الفنزويلية، موضحة أنها قد تقرر زيادة مشترياتها من روسيا أو من الشرق الأوسط. | |
وود ماكينزي | ليس من الواضح ما إذا كانت الولايات المتحدة ستسعى لتغيير النظام في فنزويلا، أو كيف ستسير الأمور حال حدوث ذلك. لكن في حال رفع العقوبات وتوفير الدعم التشغيلي والمالي الذي تشتد الحاجة إليه في فنزويلا فقد يكون لذلك أثر كبير على إنتاج البلاد على المديين القريب والبعيد. | |
“آندي ليبو” رئيس “ليبو أويل أسوشيتيش” | الحظر الكامل على النفط الفنزويلي سيؤثر على ما يتراوح بين 800 ألف و900 ألف برميل من النفط يوميًا، مما قد يرفع الأسعار بحوالي من دولارين إلى ثلاثة دولارات للبرميل. وأشار إلى أن سوق النفط سيراقب رد فعل الصين التي قد تتردد في الالتزام بالعقوبات الأمريكية. | |
كما سجلت أسعار النفط ارتفاعًا بأكثر من 2% بعد قرار حصار الموانئ الفنزويلية، وسط ترقب استمرار الصعود إذا طال أمد النزاع. وتشير تجارب سابقة، مثل الغزو الروسي لأوكرانيا، إلى أن التوترات الجيوسياسية قد تدفع الأسعار إلى مستويات قياسية تتجاوز 100 دولار للبرميل.
من جهة أخرى، تعد الصين أكبر مشترٍ للخام الفنزويلي، على الرغم من أن الإمدادات تشكل حوالي 4% فقط من وارداتها الإجمالية.
وقد تواجه الصين صعوبة في إيجاد بدائل سريعة للخام الثقيل، بينما من المتوقع أن يشهد سوق النفط العالمي فائضًا في الإمدادات العام المقبل، خصوصًا في حال نجاح المفاوضات لإنهاء الحرب في أوكرانيا ورفع العقوبات الأمريكية عن النفط الروسي، ما قد يخفف جزئيًا من تأثير الأزمة الفنزويلية.
في ظل هذا الوضع المليء بعدم اليقين، يبقى السؤال مفتوحًا حول مدى تأثير قرار الحصار الأخير على ناقلات النفط، وإلى أي مدى سيواصل ترامب تصعيد ضغوطه على مادورو، وما هي التداعيات المستقبلية على أسعار النفط العالمية وإمدادات الديزل الحيوية.




