اقتصاد المغربالأخبار

دراسة: ثقة المغاربة هشة في التطبيقات البنكية بسبب أعطاب تقنية

رغم ما ضخته الأبناك المغربية من استثمارات ضخمة في رقمنة خدماتها، تكشف معطيات حديثة أن تجربة الزبناء مع التطبيقات المصرفية لا تزال دون سقف التطلعات، وهو ما انعكس مباشرة على مستوى الثقة الرقمية لدى شريحة واسعة من المستخدمين.

دراسة حديثة بعنوان “Digital Customer Experience Benchmark 2025” أنجزها مكتب الدراسات Affinytix رسمت صورة دقيقة لهذا التناقض بين التقدم التقني المعلن والواقع اليومي للزبناء.

الدراسة اعتمدت على تحليل آلاف التقييمات والتعليقات المرتبطة بتطبيقات 12 بنكاً مغربياً، مع فحص مؤشرات متعددة تشمل الثقة الرقمية، وسهولة الاستخدام، وجودة التصميم، والاستقرار التقني، إلى جانب البعد العاطفي في تفاعل المستخدمين مع الخدمات البنكية الرقمية.

وخلصت النتائج إلى أن القطاع البنكي أحرز تقدماً ملحوظاً في تحديث الواجهات وإعادة تصميم العمليات الأساسية، كما سرّع وتيرة إطلاق خصائص جديدة.

غير أن هذا التطور، بحسب الدراسة، رفع في المقابل سقف انتظارات الزبناء، الذين لم يعودوا يقارنون تطبيقاتهم البنكية ببعضها البعض، بل بأفضل التجارب الرقمية التي يعيشونها يومياً عبر منصات عالمية.

وهكذا تحولت معايير السلاسة وسرعة الأداء ووضوح المسارات من “امتياز إضافي” إلى شرط أساسي لا يقبل التنازل.

وسجلت الدراسة أن مؤشر الثقة القطاعي للتطبيقات البنكية يتراوح بين 62 و63 نقطة من أصل 100، وهو مستوى وصفته بـ”الهش”، إذ يكفي خلل تقني بسيط، أو تأخر في تنفيذ معاملة، أو فشل في تحديث التطبيق، حتى تتضاعف التقييمات السلبية خلال ساعات قليلة، ما يهدد الرصيد الرقمي للبنوك.

ووفقاً لتحليل تعليقات المستخدمين، فإن الأعطال المتكررة تُفسَّر غالباً على أنها دليل على ضعف العناية بالزبون، أو غياب الشفافية، أو قصور تقني مزمن. كما أن عدم استقرار المسارات داخل التطبيقات، والزحمة البصرية، وصعوبة التنبؤ بسلوك الواجهة، كلها عوامل تُسهم في تآكل تدريجي للثقة الرقمية.

وعلى المستوى الميداني، رصدت الدراسة انتقادات مباشرة للتصميم والألوان في خمسة تطبيقات من أصل اثني عشر. كما أفاد 37% من المستخدمين بتعرضهم لأعطال تقنية خلال استعمالهم اليومي، في حين اشتكى 32% من بطء ملحوظ في تحميل التطبيقات.

وأظهرت البيانات أن فشل تحديث واحد قد يؤدي إلى ارتفاع التقييمات السلبية بنسبة تصل إلى 65% خلال 48 ساعة فقط.

أما الأعطال المرتبطة بالتحويلات والدفع، فتمثل حوالي 14% من مجموع المشكلات المبلغة، مع مدة معالجة متوسطة تتراوح بين ثلاثة وخمسة أيام، وهي فترة يعتبرها العديد من الزبناء طويلة في سياق الخدمات الرقمية الفورية.

ومن زاوية نفسية، كشفت الدراسة أن 42% من ردود الفعل المرتبطة بالتجربة البنكية الرقمية كانت سلبية، تتصدرها مشاعر الغضب بنسبة 22%، تليها مشاعر الإحباط والقلق، مقابل 34% فقط من المشاعر الإيجابية مثل الرضا والفرح.

كما سلط التقرير الضوء على ضعف قابلية التخصيص داخل أغلب التطبيقات، حيث إن نحو 80% منها لا تتيح للمستخدم تعديل الواجهة وفق تفضيلاته الشخصية، سواء من حيث الألوان أو الخطوط أو الثيمات.

إلى جانب ذلك، برزت شكاوى تتعلق بزحمة الواجهة في ثلاثة تطبيقات، إذ تعود 38% من التعليقات السلبية إلى صعوبة التصفح.

ولم تغفل الدراسة البعد الثقافي واللغوي، مشيرة إلى شعور بعض المستخدمين بالإقصاء بسبب غياب خيار اللغة الأمازيغية في تطبيقات أربعة بنوك، وهو ما يعزز، حسب التقرير، الإحساس بالتهميش الرمزي ويزيد من حدة الإحباط تجاه الخدمات الرقمية.

خلاصة الدراسة تؤكد أن رقمنة الخدمات البنكية، مهما بلغت كلفتها التقنية، تبقى ناقصة ما لم تُترجم إلى تجربة سلسة، مستقرة، وشاملة تعزز الثقة قبل الوظيفة، وتضع المستخدم في قلب التصميم لا على هامشه. 

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى