إلا أن بكين شددت الخميس على أن الولايات المتحدة وجّهت لها “اتهامات لا أساس لها وشوّهت سمعة الصين من دون أي أدلة”.
تحدث مدير مكتب التحقيقات الفدرالي (إف بي آي) كريستوفر راي عن العملية في شهادة أمام لجنة بالكونغرس الأربعاء بشأن المنافسة بين الولايات المتحدة والصين، وعرضت وزارة العدل المزيد من التفاصيل في بيان. يشتبه بأن الشبكة التي تنشط منذ العام 2021 مجهّزة لشل قطاعات تتراوح من الاتصالات إلى النقل والحكومة.
في ماي 2023، اتهمت الولايات المتحدة وحلفاؤها مجموعة “فولت تايفون” التي توصف بأنها “مجموعة قرصنة ترعاها الدولة” الصينية، باختراق شبكات بنى تحتية أميركية حيوية، وهي اتهامات نفتها بكين حينذاك أيضا. وقال راي للمشرّعين إن الولايات المتحدة وحلفاءها حددوا خلال عملية “مئات أجهزة التوجيه التي استولت عليها مجموعة القرصنة التي ترعاها جمهورية الصين الشعبية والمعروفة باسم فولت تايفون”. وأضاف أن “البرمجيات الخبيثة التي تستعملها فولت تايفون مكّنت الصين من بين أمور أخرى، من إخفاء أعمال استطلاع سابق للعمليات واستغلال للشبكات ضد بنى تحتية حيوية مثل قطاعات الاتصالات والطاقة والنقل والمياه لدينا”.
واتهم راي القراصنة بالاعداد “لإحداث فوضى والتسبب في ضرر حقيقي للمواطنين الأميركيين”. وتابع “متى وإذا قررت الصين أن الوقت حان للضرب، فإنها لا تركز فقط على الأهداف السياسية أو العسكرية” مؤكدا أن “استهداف المدنيين جزء من خطتها”.
من جهته، قال مساعد وزير العدل ماثيو أولسن الذي يعمل في قسم الأمن القومي بالوزارة إن الوصول إلى البنى التحتية الأميركية الذي سعت إليه “فولت تايفون” هو أمر “يفيد الصين خلال أزمة مستقبلية”.
“الاستعداد للحرب”
ولفت الباحث لدى “مؤسسة جيمستاون” ماثيو برازيل إلى أن إعلان الأربعاء قد يعني أن الولايات المتحدة حيّدت القراصنة مباشرة في المصدر، رغم أن ذلك ما زال غير واضح. وأضاف “إذا كان الحال كذلك، فإن المخاطر تزداد على ما يبدو.. مع اتخاذ الصين قرار الاستعداد للحرب عبر الانخراط في هذه الأعمال العدائية، وتحرّك الولايات المتحدة وتعطيل هذه القدرات”.
قالت وزارة العدل الأميركية في بيانها إن العملية الأميركية لتفكيك شبكة القراصنة حصلت على إذن من محكمة فدرالية في تكساس. وأضافت أنه من خلال السيطرة على المئات من أجهزة التوجيه التي كانت معرضة للخطر لأنها لم تعد مدعومة بالتصحيحات الأمنية أو تحديثات البرامج الخاصة بالشركة المصنعة لها، سعى القراصنة إلى إخفاء أصل أنشطة القرصنة المستقبلية المرتبكة انطلاقا من الأراضي الصينية.
وأكدت الوزارة أن العملية نجحت في مسح البرامج الضارة من أجهزة التوجيه، من دون التأثير على وظائفها المشروعة أو جمع أي معلومات، لكنها قالت إنه لا يوجد ضمان بعدم إمكانية اختراق أجهزة التوجيه مرة أخرى.
“غير مسؤولة”
يشير باحثون ومسؤولو أجهزة استخبارات غربية إلى أن القراصنة الصينيين أصبحوا ماهرين في اختراق الأنظمة الرقمية للدول الخصمة لجمع أسرار تجارية. وعام 2021، اتهمت الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي وحلفاء آخرون الصين بتوظيف “قراصنة يعملون بعقود” لاستغلال ثغرة في أنظمة البريد الإلكتروني التابعة لشركة “مايكروسوفت”، ما سمح لوكلاء الأمن التابعين للدولة بالوصول إلى معلومات حساسة.
وذكرت بيانات حكومية أميركية وتقارير إعلامية أن الجواسيس الصينيين اخترقوا وزارة الطاقة الأميركية وشركات المرافق العامة وشركات اتصالات وجامعات. وأفاد الباحث الرفيع لدى مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية بنجامن ينسن الكونغرس العام الماضي بأن بكين مرتبطة بتسعين عملية تجسس عبر الإنترنت تمّت منذ مطلع الألفية، أي أكثر بنسبة 30 في المئة من تلك التي تورطت بها شريكتها المقرّبة روسيا.
من جانبه، وصف الناطق باسم الخارجية الصينية وانغ ونبين الاتهامات الأميركية بأنها “غير مسؤولة إلى حد كبير وتخلط بين الصح والخطأ” معتبرا أن “الولايات المتحدة هي مصدر الهجمات الإلكترونية والطرف الخبير بها”، علما بأن الإف بي آي يشدد على أن الصين تملك أكبر برنامج قرصنة في العالم.
وتتجسس الولايات المتحدة بالفعل بطرقها الخاصة على الصين إذ تنشر أجهزة رقابة وتستخدم تقنيات تنصت وشبكات مخبرين. في يوليوز الماضي، أفاد مسؤولون أمنيون في ووهان أنهم اكتشفوا هجوما إلكترونيا استهدف مركز مراقبة الزلازل التابع للمدينة الواقعة وسط الصين، قالوا إن مصدره الولايات المتحدة.
وأشارت الناطقة باسم الخارجية الصينية ماو نينغ آنذاك إلى أن الهجوم مثّل تهديدا خطيرا للأمن القومي. وقالت “تنخرط الحكومة الأميركية في عمليات إلكترونية خبيثة لا تستهدف الصين وحدها.. بينما تحمّل الصين مسؤولية ما تطلق عليها +هجمات قرصنة+”.