المديرية العامة للضرائب تطلق إدارة “ذكية” لتعزيز الامتثال ومكافحة الغش

وسط تصاعد تحديات الغش الضريبي وتعقيد أساليبه، اتخذت المديرية العامة للضرائب خطوة غير مسبوقة بإطلاق استراتيجية حديثة تعتمد على التكنولوجيا والتحليل الذكي للبيانات، تهدف إلى تعزيز النزاهة المالية وإعادة بناء الثقة بين الإدارة ودافعي الضرائب، مع تقديم حوافز تشجيعية للمقاولات الملتزمة.
وتعتمد هذه الخطة، وفق مصادر مطلعة، على دمج تكنولوجيات متقدمة وأنظمة تحليلية دقيقة في صلب السياسة الجبائية، مما يمكّن الإدارة من التنبؤ بالمخاطر وكشف مؤشرات الغش قبل وقوعها.
ويبرز في صميم هذا التحول دور قسم تحليل المخاطر والبرمجة، الذي وضع خريطة طريق لبناء إدارة ضريبية “ذكية” قادرة على توجيه الرقابة نحو المناطق الأكثر عرضة للتلاعب.
وتعتمد هذه المقاربة على قاعدة بيانات شاملة تشمل معلومات قطاعية وسلوكية، بهدف رفع فعالية الاستهداف بنسبة تصل إلى 20% خلال عامين.
في خطوة موازية، أطلقت المديرية علامة “المساهم المواطن” للمقاولات التي تلتزم بالضوابط الضريبية، حيث ستستفيد هذه الشركات من امتيازات ملموسة، تشمل تخفيف وتيرة المراقبة وتسريع معالجة طلبات استرجاع الضريبة على القيمة المضافة، في رسالة واضحة بأن الالتزام الضريبي أصبح قيمة مضافة وليس عبئاً.
وبالمقابل، ركّزت الخطة على تشديد العقوبات ضد المخالفات الجسيمة، خصوصاً ما يتعلق بالفواتير الوهمية والغش في الضريبة على القيمة المضافة، والتي تسببت في خسائر مالية تجاوزت 850 مليار سنتيم (8,5 مليارات درهم).
وتشير البيانات إلى ضبط حوالي 50 ألف مقاولة متورطة في شبكات إصدار وبيع الفواتير المزيفة، ما يعكس حجم التحديات التي تواجهها الدولة في حماية مواردها الضريبية.
ولتدعيم هذا التحول، تعمل المديرية على إطلاق مستودع ضريبي شامل للمخاطر، يجمع كافة المعلومات والبيانات اللازمة، إلى جانب خطة تكوينية لتعزيز قدرات الأطر المكلفة بمكافحة الغش.
كما ستُلزم المقاولات باستخدام برامج محاسبية معتمدة، مع تقديم سجلاتها عند الطلب، لتصبح أدوات الإدارة أكثر شفافية ودقة في متابعة المعاملات.
ويشير هذا التوجه إلى تحول المغرب نحو نموذج جبائي حديث يقوم على الذكاء الاصطناعي، وتحليل السلوكيات الضريبية، وتفعيل الردع إلى جانب تقديم الحوافز للمقاولات المنضبطة، ما يفتح آفاق إدارة ضريبية أكثر فعالية وقدرة على حماية الاقتصاد الوطني، في وقت تحتاج فيه البلاد إلى تعزيز مواردها المالية لدعم مشاريع التنمية.




