إدارة الضرائب تُضيّق الخناق على التعاملات النقدية وتُلغي الامتيازات الجبائية للمخالفين

في خطوة تصعيدية تهدف إلى تجفيف منابع الاقتصاد غير المهيكل، شنت المديرية العامة للضرائب حملة واسعة النطاق استهدفت عشرات الشركات التي تحوم حولها شبهات قوية باستغلال المعاملات النقدية (الكاش) للتهرب من الالتزامات الجبائية.
وقررت مصالح المراقبة رفض خصم نفقات وتكاليف هذه الشركات، بعد أن أثبتت التحقيقات تجاوزها للسقوف القانونية المسموح بها في التعاملات النقدية.
وفق جريدة هسبريس فأن فرق المراقبة الجهوية، بكل من الدار البيضاء والرباط وطنجة، رصدت خروقات جسيمة تتعلق بمدفوعات نقدية تجاوزت سقف 5 آلاف درهم يومياً للمورد الواحد، و50 ألف درهم شهرياً.
وأوضحت المصادر أن هذا التجاوز الصريح لمقتضيات المدونة العامة للضرائب لم يمر دون عقاب؛ إذ قررت الإدارة الجبائية تجريد الشركات المخالفة من حقها في خصم “الضريبة على الشركات” و”الضريبة على القيمة المضافة”، مما يضع هذه المقاولات أمام مأزق مالي وقانوني حقيقي.
تركزت المرحلة الأولى من هذه العملية الرقابية على عينة تتكون من 63 شركة، تُصنف غالبيتها ضمن خانة المقاولات الصغرى والصغيرة جداً.
وتشير تقديرات المراقبين إلى أن اللجوء المفرط لـ “الكاش” رفع التكلفة الحقيقية لمعاملات هذه الشركات بنسبة ناهزت 30%، وهو ما عزز شكوك الإدارة حول وجود عمليات مالية “مشبوهة” تتم خارج القنوات الرسمية، الغرض منها التملص من أداء المستحقات الضريبية للخزينة العامة.
من أبرز المخالفات التي رصدها “قضاة الضرائب” غياب ما يعرف بـ “الأثر المحاسبي” (Traçabilité) للعمليات المصرح بها، مما جعل تتبع مسار الأموال أمراً مستحيلاً وأثار شبهات الغش.
وفي تفاصيل أكثر دقة حول أساليب التهرب، رصد المراقبون لجوء بعض أرباب الشركات إلى حيلة “تسييل الودائع”؛ حيث يقومون بإيداع شيكات مسطرة (غير قابلة للتظهير) في حسابات شركاتهم، ثم يعمدون لاحقاً إلى سحب تلك المبالغ نقداً على دفعات، وذلك بهدف طمس معالم الدخل الحقيقي والتنصل من الالتزامات المالية.
تستند إدارة الضرائب في إجراءاتها الصارمة إلى المادة 11 من المدونة العامة للضرائب، التي تمنع بشكل قاطع خصم النفقات غير المثبتة بوثائق رسمية أو تلك التي تُؤدى نقداً خارج الحدود المسموح بها.
ويهدف تفعيل هذه المادة بصرامة إلى:
فرض الشفافية المالية على النسيج المقاولاتي.
محاربة الفواتير الوهمية وتقليص التعاملات النقدية غير المبررة.
إلزام الشركات بمسك سجلات محاسبية دقيقة وموثقة.
مكّن الحق المخول للمراقبين في الاطلاع على الحسابات البنكية من كشف تناقضات صارخة. فقد أظهرت مقارنة الكشوفات البنكية مع التصريحات الجبائية أن مبالغ مالية ضخمة تروج نقداً دون أي سند قانوني أو فواتير تثبت وجهتها، مما أكد تورط عدد من الشركات في تقديم تصريحات مغلوطة وتخفيض قيمة الفواتير بشكل متعمد للتهرب من أداء الضريبة.




