أسواق الذكاء الاصطناعي.. بين التقييمات القياسية والشكوك المتصاعدة

على الرغم من التوقعات التي ربطت أرباح “إنفيديا” القياسية بتهدئة المخاوف بشأن تضخم فقاعة أسهم الذكاء الاصطناعي، جاءت النتائج لتؤكد أن السوق ما زالت في حالة من الترقب. السؤال الأبرز اليوم: إلى أين تتجه أسهم الذكاء الاصطناعي؟ والإجابة تختلف باختلاف منظور كل مستثمر.
المتشككون يرون أن السوق تشهد تضخّمًا سريعًا في التقييمات، مع تركيز الاستثمارات على عدد محدود من الشركات.
وهم يحذرون من أن الإنفاق الضخم للمنافسة في هذا القطاع، بما في ذلك اللجوء إلى الاقتراض، قد يكون غير مستدام، إضافة إلى المخاطر النظامية المرتبطة بالتمويل الدائري، حيث يمكن أن يؤدي فشل شركة واحدة إلى تأثير سلبي على القطاع بأكمله.
على الجانب الآخر، يرى المتفائلون أن التراجع الأخير في أسهم الذكاء الاصطناعي مجرد تصحيح صحي قبل موجة نمو جديدة.
فهم يعتبرون أن شركات التكنولوجيا الكبرى، مثل “مايكروسوفت”، و”أمازون”، و”ميتا”، و”ألفابت”، ستستمر في الإنفاق بلا تباطؤ لتطوير منتجاتها الذكية، مدعومة بالطلب القوي والبيئة التنظيمية المشجعة.
ديك مولاركي، المدير العام في “SLC Management”، لخص الوضع: “السوق شهدت صعودًا كبيرًا، والتقييمات ارتفعت بشكل مبالغ فيه، لذا المخاوف من انفجار الفقاعة موجودة. ومع ذلك، هناك محفزات مثل توقعات خفض الفائدة وتراجع القيود التنظيمية وزيادة صفقات الاندماج والاستحواذ.”
و أظهرت نتائج “إنفيديا” تقلبات حادة؛ إذ ارتفعت أسهم الشركة أكثر من 5% عند الإعلان، قبل أن تتراجع وتغلق منخفضة 3.2%. وتكررت هذه الحركة مع مؤشري “ناسداك 100” و”إس آند بي 500″، ما يعكس حالة عدم اليقين بين المستثمرين.
ناتالي هوانغ من “أبيرا كابيتال أدفايزرز” أشارت: “رغم موجة الارتياح الأولية بعد إعلان قوة الطلب، يظل المستثمرون قلقين بشأن الطاقة والهوامش والعائد على الاستثمار. لا يمكن للسوق أن تستمر في التفاؤل مع وجود أسئلة بلا إجابات.”
بعيدًا عن “إنفيديا”، تعرضت شركات الرقائق الأخرى لتراجعات حادة، حيث انخفض مؤشر أسهم الرقائق بنسبة 11% في نوفمبر، مع خسائر تجاوزت 20% لشركات مثل “إيه أم دي” و”آرم”.
أما “سانديسك”، فقد شهدت ارتفاعات قياسية وصلت إلى 700% خلال ذروتها، لكنها فقدت ثلث هذه المكاسب في الأسبوعين الأخيرين.
التركيز الآن ينصب على العائد على الاستثمار، إذ يتساءل المستثمرون متى سيترجم هذا الإنفاق الكبير إلى نمو وربحية أفضل لشركات الذكاء الاصطناعي.
رغم النتائج القوية، لم تختف المخاوف بشأن الشركات الكبرى الأخرى؛ فقد تراجعت أسهم “ميتا” بنسبة 21% منذ إعلان نتائجها، و”مايكروسوفت” بنسبة 13% لنفس السبب. الشركات الأصغر، مثل “كور وايف” و”أوراكل”، تعرضت لخسائر أكبر، ما يعكس مخاطر الاقتراض المكثف لمجاراة سباق الذكاء الاصطناعي.
كيفن كوك من “زاكس إنفستمنت ريسيرش” أكد أن الشركات بحاجة إلى إعادة تقييم استثماراتها لتجنب الانزلاق نحو مشاكل مالية مستقبلية.
المشهد الحالي يظهر انقسام المستثمرين بين التفاؤل والحذر، مع اتفاق على أن رحلة الذكاء الاصطناعي لن تكون سهلة. آرت هوغان من “بي رايلي ويلث” أشار: “الاقتصاد الكلي، الانقسام في تبني الثورة الذكاء الاصطناعي، وتقلب العملات المشفرة كلها عوامل تزيد من حالة التقلب في السوق.”
في النهاية، يبدو أن أسواق الذكاء الاصطناعي تسير على طريق محفوف بالمطبات، ويتطلب الاستثمار فيها توازناً دقيقًا بين الفرص والمخاطر.




