الاقتصاديةالتكنولوجيا

الذكاء الاصطناعي: المحرك الحقيقي للجيل القادم من السيارات

في وقت يتركز الاهتمام الإعلامي على السيارات الكهربائية والاتصال الرقمي، يوضح خبراء التكنولوجيا أن التحوّل الأكبر في صناعة السيارات لن ينبع من الكهرباء أو البرمجيات وحدها، بل من الذكاء الاصطناعي.

اليوم، بدأت صناعة السيارات مرحلة جديدة تُعرف بـ “السيارة الذكية بالذكاء الاصطناعي”، حيث تتحول المركبة من منصة تقليدية إلى كيان قادر على التعلم، التنبؤ، واتخاذ القرارات في الوقت الفعلي، لتصبح تجربة القيادة أكثر أمانًا وذكاءً.

ديبتي فاتشاني، النائب الأول للرئيس والمدير العام لقطاع السيارات في شركة “آرم” البريطانية، تؤكد أن المستقبل بدأ بالفعل، وأن أي تأخر في تبني هذه التكنولوجيا قد يجعل الشركات تخسر السباق نحو الابتكار وتجربة العملاء المتطورة.

الجيل السابق من السيارات المعتمدة على البرمجيات (SDVs) قدّم إمكانيات تحديث مستمرة عبر السحابة وتحكم مركزي بالوظائف.

لكن الجيل الجديد، المسمى السيارة المعرفّة بالذكاء الاصطناعي (AIDV)، يتجاوز ذلك ليجعل الذكاء الاصطناعي جزءًا لا يتجزأ من حلقة القرار الفوري داخل كل أنظمة السيارة.

اليوم، السيارة لا تكتفي بتنفيذ الأوامر، بل تتعلم من بيئتها، تتكيف مع أسلوب السائق، وتضبط أدائها تلقائيًا. من أنظمة السلامة الذكية التي ترصد المخاطر في الوقت الفعلي، إلى المساعد الشخصي داخل المقصورة، وأنظمة الطاقة التي تدير الاستهلاك حسب الطريق والحمولة، أصبح الذكاء الاصطناعي عنصرًا أساسيًا في تجربة القيادة الحديثة.

ووفق بيانات حديثة، يخطط 75% من صانعي السيارات حول العالم لدمج الذكاء الاصطناعي التوليدي في مركباتهم قبل نهاية 2025، ما يجعل السؤال اليوم ليس “هل؟”، بل “متى وكيف سيتم تبنيه بشكل آمن وواسع؟”.

الركيزة الأولى: المعالجة الفورية والأمان

تؤكد فاتشاني أن الذكاء الاصطناعي يحتاج إلى حوسبة فورية داخل السيارة دون الاعتماد على السحابة، خاصة في حالات تفادي المشاة أو الاستجابة للأوامر الصوتية، ما دفع الصناعة نحو المعالجة على الحافة (Edge Compute).

كما أن البنية البرمجية للسيارات يجب أن تكون قابلة للتوسع لإعادة استخدام الأكواد عبر مختلف الطرازات، مما يقلل التكلفة ويتيح تقديم مزايا الذكاء الاصطناعي حتى في السيارات الاقتصادية. ومع زيادة ذكاء السيارة، يزداد التركيز على معايير السلامة والأمن السيبراني، مثل:

التمهيد الآمن.

العزل الذاكري.

الجزر الأمنية.

التكرار والنسخ الاحتياطي لضمان الصمود أمام الأعطال والاختراقات.

الركيزة الثانية: منصات برمجية متكاملة

الذكاء الاصطناعي في السيارات لا يقتصر على العتاد فقط، بل يشمل منصات برمجية شاملة تربط جمع البيانات، تدريب النماذج، ونشرها داخل السيارة. هذه الأنظمة تتعلم من مليارات المشاهد الحقيقية للقيادة، وتحول المدخلات الحسية مباشرة إلى أوامر تشغيلية، ما يعني:

قرارات أسرع.

دقة أعلى.

تكيّف أفضل مع الظروف المختلفة.

تقليل الجهد الهندسي المطلوب.

الركيزة الثالثة: التطوير الافتراضي

أحد التحولات الثورية في الصناعة هو إمكانية تطوير السيارات الذكية بدون انتظار تصنيع الشرائح الفعلية، عبر النمذجة الافتراضية.

هذا يسرّع الابتكار، ويقلص زمن الدخول إلى السوق، وهو ضروري لمجاراة سرعة تطور الذكاء الاصطناعي واحتياجاته الحوسبية المتزايدة.

وفق فاتشاني، الشركات التي تحتضن اليوم مفهوم السيارة المعرفّة بالذكاء الاصطناعي ستكون من تحدد معالم الابتكار، الأمان، وتجربة المستخدم في العقد القادم. هذه الثورة ليست رؤية مستقبلية بعيدة، بل واقع سريع الحركة.

السيارة التي تتعلم وتتفاعل وتتخذ القرارات لم تعد حلمًا، بل أصبحت هنا، وعلى صناع السيارات التحرك الآن لتأمين مستقبلهم.

 

 

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى