الأسواق اليابانية تفقد ثقتها بالحكومة الجديدة وسط مخاوف إنفاق وتدهور الين

تعرضت الأسواق المالية اليابانية لهزة قوية خلال الأسبوع الماضي، إذ فقدت بورصة طوكيو ما يقرب من 127 مليار دولار من قيمتها السوقية، وسط تراجع حاد للين والسندات الحكومية، ما يعكس فتور حماس المستثمرين تجاه الحكومة الجديدة برئاسة ساناي تاكايشي.
ورغم الترحيب الشعبي بإطلاق أكبر حزمة إنفاق إضافي منذ جائحة كورونا، فإن الأوساط المالية تبدي تخوفاً متزايداً من توسع مالي يفوق قدرة اليابان على تحمله، في وقت يتخذ فيه بنك اليابان موقفاً أكثر حذراً تجاه رفع أسعار الفائدة لكبح التضخم.
تشير تحركات عدد من مديري الأصول العالميين إلى أنهم بدأوا يستهدفون نقاط الضعف في سوق الديون اليابانية، بينما واصل الين تراجعه ليصبح الأسوأ بين العملات الرئيسية أمام الدولار منذ فوز تاكايشي بقيادة الحزب الليبرالي الديمقراطي في أكتوبر الماضي.
وتجاهلت الأسواق إلى حد كبير تحذيرات وزير المالية ساتسوكي كاتاياما، الذي لمح إلى إمكانية التدخل لدعم العملة، في إشارة إلى أن تأثير الرسائل الرسمية على المعنويات بات محدوداً.
يقول رودريغو كاتريل، كبير محللي العملات في “ناشونال أستراليا بنك”، إن الأسواق لم تعد تتفاعل مع رسائل المسؤولين اليابانيين كما في السابق، مشيراً إلى أن الين أصبح هدفاً سهلاً للمضاربة، في ظل غياب إشارات قوية إلى رفع وشيك للفائدة رغم تضخم يتجاوز المستويات المستهدفة.
وتُظهر مقايضات أسعار الفائدة أن احتمالات بقاء الفائدة دون تغيير في اجتماع ديسمبر تتجاوز 80%، مقارنة بنحو 30% قبل أسابيع فقط.
في سوق الأسهم، أدت موجة بيع واسعة في آسيا إلى ضغوط إضافية على الأسهم اليابانية، خاصة في قطاع التكنولوجيا. وبعد ارتفاعات أعقبت تولي تاكايشي رئاسة الوزراء، أنهى مؤشر “نيكاي 225” أسبوعه منخفضاً 3.5%، بينما فقد مؤشر “توبكس” 1.8%.
وانخفضت القيمة الإجمالية للأسهم المدرجة في بورصة طوكيو بنحو 20 تريليون ين خلال أسبوع، أي ما يعادل تقريباً قيمة الحزمة المالية الجديدة البالغة 21.3 تريليون ين.
تفاقمت الضغوط بعد أن انزلقت العلاقات مع الصين إلى مزيد من التوتر، إثر تصريحات لتاكايشي ربطت فيها أزمة مضيق تايوان باحتمال تدخل عسكري ياباني. وردّت بكين بوقف واردات المأكولات البحرية اليابانية وتعليق مراجعات الأفلام اليابانية الجديدة، وفق تقارير إعلامية.
اتجه المستثمرون في سوق السندات إلى استهداف آجال تتراوح بين خمس وعشر سنوات، حيث اعتبرها البعض الأكثر عرضة للهبوط. وأكد تاكيتومو شيميزو، كبير مسؤولي الاستثمار في شركة “أسيت مانجمنت وان”، أن هذه السندات أصبحت محور مراكز البيع على المكشوف.
كما حذّر خبراء مثل جورج سارافيلوس من “دويتشه بنك” من أن التوسع في الإنفاق قد يثير موجة خروج لرؤوس الأموال، على غرار ما حدث في بريطانيا عام 2022.
وتشير بيانات جمعية متداولي الأوراق المالية اليابانية إلى أن كبار المستثمرين خفّضوا مشترياتهم من السندات ذات العشر سنوات إلى أدنى مستوى منذ أكتوبر 2023، ما ساهم في ارتفاع العوائد وزيادة تكاليف التمويل على الحكومة المثقلة بالديون.
وترى إيدانا أبيو من “فيرست إيغل إنفستمنتس” أن خطط الإنفاق الحكومي تثير القلق، معتبرة أن الاقتصاد يظهر أداء جيداً في الوقت الراهن، وأن الظروف الحالية لا تستدعي تعزيزاً ضخماً للتحفيز المالي قد يفاقم الضغوط على الين والسندات.



