إمبراطورية الذهب: كيف تتحول المجوهرات الهندية إلى قوة مالية هائلة

في قلب الهند الجنوبية ، لا تُقاس قصص النجاح دائمًا بالتكنولوجيا المتقدمة أو الذكاء الاصطناعي. هناك، بين الأزقة الضيقة والأسواق المزدحمة، يتألق معدن أصفر يشكل جزءًا من الثقافة والهُويّة المحلية: الذهب.
منذ ما يقرب من تسعة عقود، حولت عائلة “موثوت” هذا المعدن إلى إمبراطورية مالية قوية للإقراض مقابل الذهب، منافسة بذلك البنوك المركزية العالمية في حجم الاحتياطيات.
تمتلك الأسر الهندية نحو 34.6 ألف طن من الذهب، بقيمة تصل إلى 3.8 تريليون دولار، متجاوزة بذلك احتياطيات أكبر الاقتصادات العالمية مجتمعة، بما فيها الولايات المتحدة وألمانيا.
نصيب الفرد الهندي حوالي 25 جرامًا، وهو مبلغ كبير نسبيًا في بلد يبلغ نصيب الفرد فيه من الناتج المحلي الإجمالي 2820 دولارًا فقط.
الذهب في الهند ليس مجرد زينة، بل هو جزء لا يتجزأ من المناسبات الاجتماعية الكبرى، خاصة حفلات الزفاف. العرائس ترتدي أساور وقلائد ضخمة، ما يضمن تدفق الذهب إلى المنازل ومن ثم إلى خزائن المقرضين عند الحاجة، مضيفًا بعدًا اجتماعيًا واقتصاديًا في آن واحد.
قبل أن تصبح “موثوت” إمبراطورية، كان الصاغة المحليون يقدمون السيولة النقدية للعملاء مقابل رهن مجوهراتهم. مع ارتفاع أسعار الذهب عالميًا، زادت قيمة القروض، ما عزز الإيرادات من الفوائد.
فخلال الاثني عشر شهرًا المنتهية في يونيو، سجلت القروض المدعومة بالذهب نموًا بنسبة 35% لتصل قيمتها إلى 13.4 تريليون روبية (151 مليار دولار)، أسرع معدل نمو بين القروض الاستهلاكية.
تتميز “موثوت” بالسرعة والمرونة مقارنة بالبنوك التقليدية. يروي “ساندارش”، أحد سكان “بنغالورو”، أنه حصل على قرض بقيمة 500 ألف روبية في 2023 بضمان ذهب عائلته لبدء مشروع تجاري. ورغم أن الفائدة الشهرية بلغت 1.25%، كانت الإجراءات أسرع بكثير من أي بنك حكومي.
|
حيازات أكبر البنوك المركزية العالمية من الذهب |
||
|
الترتيب |
الدولة |
الاحتياطي (بالطن) |
|
1 |
الولايات المتحدة |
8134 |
|
2 |
ألمانيا |
3350 |
|
3 |
إيطاليا |
2452 |
|
4 |
فرنسا |
2437 |
|
5 |
روسيا |
2330 |
|
6 |
الصين |
2304 |
|
7 |
سويسرا |
1040 |
|
8 |
الهند |
880 |
|
9 |
اليابان |
846 |
|
10 |
تركيا |
641 |
يقدّم العميل مجوهراته إلى “موثوت فاينانس”، حيث يُفحص الذهب للتأكد من العيار (18 قيراطًا كحد أدنى)، ثم يحصل على قرض يصل إلى 75% من قيمته في أقل من ساعة. مدة القرض عادة بين 4 و12 شهرًا، بفوائد سنوية قد تتجاوز 19%.
رغم بساطة فروع “موثوت” البالغ عددها أكثر من 7500 فرع، فإن الأمن صارم للغاية. الذهب المخزن يُفتح إلكترونيًا من المقر الرئيسي للشركة، الذي يحتفظ بنحو 209 أطنان من الذهب، بقيمة تقارب 28 مليار دولار، متجاوزة احتياطيات دول مثل سنغافورة.

غالبية عملاء الشركة من ذوي الدخل المحدود، ومع ذلك فإن حالات التخلف عن السداد نادرة، بمعدل قروض متعثرة يبلغ 2.3%، مماثل للبنوك التجارية. تُباع المجوهرات المصادرة في مزاد علني عند عدم السداد، مما يحافظ على استقرار الأعمال.
ارتفع سهم “موثوت” بنسبة تجاوزت 75% منذ بداية العام، مضاعفًا ثروة أربعة من أفراد العائلة، ورافعًا القيمة السوقية إلى نحو 17 مليار دولار، مقارنة بزيادة مؤشر “سينسكس” البالغة 8% فقط حتى 18 نوفمبر.
بحلول نهاية سبتمبر، نمت محفظة قروض الذهب لدى “موثوت” إلى 1.25 تريليون روبية، متجاوزة محفظة “إس بي آي” البالغة 725.5 مليار روبية. رغم ذلك، سجل البنك الحكومي نموًا أسرع بنسبة 87% على أساس سنوي، مقابل 45% فقط لدى “موثوت”.




