المغرب يعيد تشكيل خريطة إنتاج الكهرباء ويعزز حصة الطاقات المتجددة

يشهد قطاع الكهرباء في المغرب تحولاً ملموساً، إذ لم يعد الإنتاج محصوراً في مصدر واحد، بل يعتمد اليوم على مزيج متوازن يجمع بين المصادر التقليدية والطاقات المتجددة.
ويأتي هذا التحول في وقت يشهد فيه الطلب على الكهرباء ارتفاعاً مستمراً نتيجة النمو الديمغرافي والتوسع العمراني، ما يعكس توجه المملكة نحو تعزيز قدراتها الإنتاجية وتوسيع الاستثمارات الطاقية لتلبية الحاجيات الوطنية ودعم الطموحات التصديرية.
وأظهرت البيانات الرسمية أن الطلب على الكهرباء ارتفع بنسبة تقارب 5% خلال 2024، ليصل إلى 46.43 تيراواط ساعة، مقابل إنتاج بلغ 43.9 تيراواط ساعة، ما يعكس ضغطاً مستمراً على الشبكة الكهربائية ويبرز الحاجة إلى توسيع العرض الطاقي.
ويبرز مزيج التوليد توازناً نسبياً، مع استمرار الفحم في الصدارة رغم تراجعه، يليه الرياح بحصة متقدمة، ثم الغاز الطبيعي والمصادر الأحفورية الأخرى، إلى جانب الطاقة الشمسية والكهرومائية والكتلة الحيوية.
وسجلت الطاقات المتجددة زيادة ملحوظة لتصل نسبتها إلى 26.48% في 2024 مقارنة بـ21.71% في السنة السابقة، ما يشير إلى التقدم التدريجي نحو هدف 52% بحلول 2030.
وتقترب القدرة المركبة لإنتاج الكهرباء في المغرب من 12 ألف ميغاواط، تشمل وحدات تعمل بالفحم والغاز والطاقات المتجددة، بينها 4.37 غيغاواط من مصادر نظيفة مرشحة للارتفاع مع المشاريع المستقبلية، التي تستهدف بلوغ 13 غيغاواط بنهاية العقد. وقد ساهمت الاستثمارات الضخمة، التي بلغت نحو 90 مليار درهم منذ 2019، في تعزيز مشاريع الطاقة الخضراء بنسبة ثلاثة أرباع.
ويواصل الطلب على الكهرباء النمو بمعدل سنوي يقارب 4.5% منذ 2009، حيث سجل الصيف الماضي ذروة قياسية بلغت 7.9 غيغاواط بسبب ارتفاع درجات الحرارة والاستخدام المكثف للتكييف. وتتحرك ذروة الاستهلاك الصيفية عادة بين 7.4 و8 غيغاواط يومياً، ما يشكل تحدياً إضافياً أمام المنظومة الكهربائية ويحفز على توسيع قدرات الإنتاج والربط.
ويعتمد المغرب في تأمين احتياجاته على محطات كبرى، أبرزها محطة الجرف الأصفر الحرارية بطاقة تفوق 2000 ميغاواط، ومجمع نور ورزازات الشمسي الذي يعد من أكبر المشاريع الشمسية عالمياً، ومحطة تهدارت بالدورة المركبة، بالإضافة إلى محطة طرفاية للرياح التي تعد من الأكبر في القارة وتساهم بشكل كبير في خفض الانبعاثات.
وتعكس هذه المؤشرات دينامية واضحة تؤكد أن المغرب يمضي بخطى ثابتة نحو إعادة صياغة مشهده الطاقي، عبر تنويع مصادر الإنتاج وتعزيز حضور الطاقات المتجددة، ما يعزز موقعه كمورد إقليمي للكهرباء، خصوصاً للسوق الأوروبية، ويضع المملكة على الطريق لتحقيق انتقال طاقي فعلي يوازن بين الأمن الطاقي والاستدامة البيئية.




